إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصيام والصحة النفسية للفرد والمجتمع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصيام والصحة النفسية للفرد والمجتمع





    الصيام هو الركْن الرابع من أركان الإسلام، وقد كتبَه الله على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - كما كتبه على الأمم السابقة؛ من أجل أن يتحصَّل الصائمون بصيامهم على تقوى الله - عز وجل - قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، فالتقوى تستيقظ في القلوب وهي تؤدي هذه الفَريضة، وهي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية.




    والصيام وقاية من أدواء الروح والقلب والبدن، وهو علاج روحي ونفسي إذا روعي فيه مقصوده وأسراره، والصيام هو المدرسة الكبرى لتهذيب النفس والبدن وتطهيرهما؛ لما يَشتمِل عليه من إصلاحٍ لكليهما معًا.


    وكما يؤكِّد "عبدالوهاب خَلاف"[1]، فالصيام عبادة فيها إصلاح روحي وإصلاح بدني.



    وأما فوائده ومنافعه النفسية والعلاجية لشخصية الفرد:
    فهي كثيرة ومُتعدِّدة، وأول هذه الفوائد إنماء الشخصية، ومعناه النُّضج وتحمُّل المسؤولية والراحة النفسية، فالصيام يُعطي الفرصة للإنسان لكي يُفكِّر في ذاته، ويعمل على التوازن الذي يؤدي إلى الصحة النفسية، وبالطبع فإن الصيام يُدرِّب الإنسان، ويُنمي قدرته على التحكم في الذات بقوة الإيمان.


    ولذلك فإن للصوم آثارًا إيجابية في تقوية الإرادة، التي تُعتبَر نقطة ضعف في كل مَرضى النفس، كما أن الصوم هو تقرُّب إلى الله يَمنح أملاً في الثواب، ويساعد على التخلُّص من المشاعر السلبية المُصاحِبة للمرض النفسي، كما أن الصبر الذي يتطلبه الامتناع عن تناول الطعام والشراب والممارسات الأخرى خلال النهار يُسهِم في مضاعفة قدرة المريض على الاحتِمال؛ مما يقوي قدرته على مقاوَمة الأعراض المرضية، ويؤدي إلى تحسُّن حالته النفسية.


    ويؤكد (لطفي الشربيني)[4] أن للصوم أثرًا بالغًا في معالجة الاكتئاب النفسي، الذي من أهم أعراضه الشعور باليأس والعُزلة، وتراجُع الإرادة، والشعور بالذنب، والتفكير في الانتِحار، فالصوم بما يَمنحه للصائم من أمل في ثواب الله يجدِّد الرجاء لدَيه في الخروج من دائرة اليأس، كما أن المشاركة مع الآخَرين في الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال رمضان يتضمن نهاية العُزلة التي يفرضها الاكتئاب على المريض، وممارسة العبادات مثل الانتظام في ذكر الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا الشهر تتضمن التوبة، وتُقاوِم مشاعر الإثم، وتُبعد الأذهان عن التفكير في إيذاء النفس، بعد أن يَشعُر الشخص بقبول النفس والتفاؤل، والأمل في مواجهة أعراض الاكتئاب.


    والصوم أيضًا علاج للقلق النفسي الذي ينشأ من الانشغال بهموم الحياة وتوقُّع الأسوأ، والخوف على المال والأبناء والصحَّة، فشعور الاطمئنان المصاحب للصيام، وذِكر الله بصورة مُتزايدة خلال رمضان فيه أيضًا راحة نفسية وطُمأنينة تُسهِم في التخلُّص من مَشاعر القلق والتوتُّر.


    كما يُساعد الصوم في علاج الوساوس القهرية التي يُعاني منها عدد كبير من الناس، والتي تكون في صورة تكرار بعض الأفعال بدافع الشكِّ المرَضي مثل وسواس النظافة، الذي يتضمَّن تكرار الاغتِسال للتخلُّص من وهم القَذارة والتلوث، وهناك الأفكار الوسواسية حول أمور دينية أو جنسية أو أفكار سَخيفة تتسلَّط على المَرضى ولا يكون بوسعِهم التخلُّص منها، ويُسهِم الصوم في تقوية إرادة هؤلاء المَرضى، واستِبدال اهتِمامهم بهذه الأوهام ليحلَّ محلَّها الانشِغال بالعبادات ومُمارَسة طقوس الصيام والصلوات والذِّكر؛ مما يُعطي دفعة داخلية تُساعد المريض على التغلُّب على تسلُّط الوساوس المرَضية.


    كذلك فإن أهمَّ ما يُميز شهر رمضان عن بقية العام هو الجو الروحاني الخاص الذي يُميِّز هذا الشهر من المُشاركة العامَّة بين الأفراد في تنظيم أوقاتهم خلال اليوم بين العبادة والعمل في فَترات محدَّدة وتخصيص أوقات موحَّدة يَجتمعون فيها للإفطار، وهذه المُشاركة في حدِّ ذاتها لها أثر إيجابي من الناحية النفسية على المرضى النفسيين الذين يُعانون من العُزلة ويَشعُرون أن إصابتهم بالاضطراب النفسي قد وضعت حاجزًا بينهم وبين المُحيطين بهم في الأسرة والمجتمع، وشهر رمضان بما يتضمَّنه من نظام شامل يُلقي بظلاله على الجميع حين يَصومون خلال النهار، وتتميَّز سُلوكياتهم عمومًا بالالتزام بالعبادات، ومُحاوَلات التقرُّب إلى الله، وتعمُّ مظاهر التراحُم بين الناس مما يبعَث على الهدوء النفسي والخروج من دائرة الهُموم النفسية المُعتادة التي تُمثِّل مُعاناةً للمَرضى النفسيين، فيُسهِم هذا التغيير الإيجابي في حدوث تحسُّنٍ في حياتهم وصحَّتهم النفسية بشكل عام.


    ورمضان شهر القيام؛ قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتَّفق عليه: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه))، والقيام إنما يكون في الليل، وخاصة النصف الثاني منه، وقد كشفت دراسات الأطباء النفسيين في السنين الأخيرة أن حرمان المريض المصاب بالاكتئاب النفسي من النوم ليلةً كاملة، له فعل عجيب في تخفيف اكتئابه النفسيِّ وتَحسين مزاجه، حتى لو كان من الحالات التي لم تنفَع فيها الأدوية المضادَّة للاكتئاب، ثم أُجريَت دراسات أخرى - في باكستان تحديدًا - فوجدوا أنه لا داعي لحِرمان المريض من النوم ليلة كاملة كي يتحسَّن مزاجه، إنما يكفي حرمانه من نوم النصف الثاني من الليل لنَحصُل على القدر نفسه من التحسُّن في حالته النفسية، وصدق العلي العظيم: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾} [الذاريات: 17، 18]، إذًا لقيام الليل والتهجُّد في الأسحار جائزة فورية، وهي اعتدال وتحسُّن في مزاج القائمين والمتهجِّدين، وفي صحتهم النفسية[5].






    لصاحبه: فرغلي هارون


    المراجع:


    [1] عبد الوهاب خلاف، نور من القرآن والسنة، دار الأنصار، القاهرة، 1980، (ص: 160 - 161).




    [2] ألكسيس كارليل، الإنسان ذلك المجهول، ترجمة: عادل شفيق، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1973.



    [3] محمد قطب، في النفس والمجتمع، ط 11، دار الشروق، القاهرة، 2001، (ص: 141 - 142).



    [4] لطفي الشربيني، الصيام والصحة النفسية،





    [5] خالد سعد النجار، الصوم والصحة النفسية،



    اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

  • #2
    يعطيكي العافية ع الطرح القيّم
    يارب هالشهر يكون خير ع الكل بس
    و يحسن نفسيتنا

    تعليق


    • #3
      الحمدلله ع كل حال بس النفسية وكل شي من سيء لاسوء

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة SoOoMa مشاهدة المشاركة
        يعطيكي العافية ع الطرح القيّم
        يارب هالشهر يكون خير ع الكل بس
        و يحسن نفسيتنا
        اللهم آمين يرحم عباده بهالشهر الفضيل ويفرج الهموم ويرفع الظلم عن العباد والبلاد.

        جزيل الشكر سوما للمرور الطيب بارك الله فيك.
        اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة r-mido مشاهدة المشاركة
          الحمدلله ع كل حال بس النفسية وكل شي من سيء لاسوء
          الحمد لله على كل حال ربنا يرحمنا برحمته جزيل الشكر لمرورك اخي بارك الله فيك.
          اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

          تعليق


          • #6
            الحمدلله على الصحة والعافية وربنا ازل البلاء عن كل مدننا وبلداننا وارح نفوسنا
            في ميزان حسناتك انشالله

            تعليق

            يعمل...
            X