إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من الشرك الاستغاثة بالأموات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من الشرك الاستغاثة بالأموات



    من الشرك الاستغاثة بالأموات
    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله --- اما بعد
    من الشرك الاستغاثة بالأموات
    وبيان جواز الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه
    [قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
    «إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبيناهم كذلك استغاثوا بآدم فيقول: لست صاحب ذلك، ثم بموسى، فيقول كذلك، ثم محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، فيشفع بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة الجنة، فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً، يحمده أهل الجمع كلهم».


    (فائدة): قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: " استغاثوا بآدم "، أي: طلبوا منه عليه السلام أن يدعو لهم، ويشفع لهم عند الله تبارك وتعالى، والأحاديث بهذا المعنى كثيرة معروفة في " الصحيحين "، وغيرهما، وليس فيه جواز الاستغاثة بالأموات، كما يتوهم كثير من المبتدعة الأموات! بل هو من باب الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه، كما في قوله تعالى: {فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه .. }

    ومن الواضح البَيَّن أنه لا يجوز- مثلاً- أن يقول الحي القادر للمقيد العاجز: أَعِنيِّ! فالميت الذي يستغاث به من دونه تعالى أعجز منه، فمن خالف، فهو إما أحمق مهبول، أو مشرك مخذول لأنه يعتقد في ميته أنه سميع بصير، وعلى كل شيء قدير، وهنا تكمن الخطورة لأن الشرك الأكبر، وهو الذي يخشاه أهل التوحيد على هؤلاء المستغيثين بالأموات من دون الله تبارك وتعالى، وهو القائل: {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين. ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهمآذان يسمعون بها}

    وقال: {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير}.



    متكئهم فى احاديث ضعيفة
    [روي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
    «إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضراً سيحبسه عليكم».(ضعيف).


    ف العبادات لا تؤخذ من التجارب، سيما ما كان منها في أمر غيبي كهذا الحديث، فلا يجوز الميل إلى تصحيحه بالتجربة! كيف وقد تمسك به بعضهم في جواز الاستغاثة بالموتى عند الشدائد وهو شرك خالص. والله المستعان.

    [روي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
    «إذا أضل أحدُكم شيئاً، أو أراد أحدكم غوثاً، وهو بأرض ليس بها أنيسفليقل: يا عباد الله أغيثوني، يا عباد الله أغيثوني، فإن لله عبادا لا نراهم». (ضعيف)


    ومع أن هذا الحديث ضعيف كالذي قبله، فليس فيه دليل على جواز الاستغاثة بالموتى من الأولياء والصالحين، لأنهما صريحان بأن المقصود بـ " عباد الله " فيهما خلق من غير البشر، بدليل قوله في الحديث الأول: " فإن لله
    في الأرض حاضرا سيحبسه عليهم ".وقوله في هذا الحديث: " فإن لله عباداً لا نراهم".


    وهذا الوصف إنما ينطبق على الملائكة أو الجن، لأنهم الذين لا نراهم عادة، وقد جاء في حديث آخر تعيين أنهم طائفة من الملائكة. أخرجه البزار عن ابن عباس بلفظ: «إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوني».ضعيف


    فهذا الحديث- إذا صح- يعين أن المراد بقوله في الحديث الأول "يا عباد الله" إنما هم الملائكة، فلا يجوز أن يلحق بهم المسلمون من الجن أو الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء والصالحين، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، فإن
    الاستغاثة بهم وطلب العون منهم شرك بين لأنهم لا يسمعون الدعاء، ولو سمعوا لما استطاعوا الاستجابة وتحقيق الرغبة، وهذا صريح في آيات كثيرة، منها قوله تبارك وتعالى: {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم، ولو سمعوا ما استجابوا لكم، ويوم القيامة يكفرون بشرككم، ولا ينبئك مثل خبير}

    و الركن الأول من هذه الأركان الخمسة " شهادة أن لا إله إلا الله " فبدونها لا ينفع شيء من الأعمال الصالحة، وكذلك إذا قالها ولم يفهم حقيقة معناها،أو فهم، ولكنه أخل به عملياًّ كالاستغاثة بغير الله تعالى عند الشدائد ونحوها
    من الشركيات. كالاستغاثة بغير الله، والاستغاثة بالأموات من الأنبياء والصالحين، ودعائهم من دون الله، والحلف بهم تعظيماً لهم.

    و من الشرك الاستغاثة بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد موته


    أورد البيهقي ... في " الشعب " ان أيوب الهلالي قال: " حج أعرابي، فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أناخ راحلته فعقلها، ثم دخل المسجد حتى أتى القبر ووقف بحذاء وجه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! جئتك مثقلا بالذنوب والخطايا، أستشفع بك على ربك لأنه قال في محكم كتابه: [ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما] .. ثم أقبل في عرض الناس وهو يقول:
    يا خير من دفنت في الترب أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
    نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم.

    و هذه الحكاية، وهي منكرة ظاهرة النكارة، وحسبك أنها تعود إلى أعرابي مجهول الهوية! وقد ذكرها- مع الأسف- الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم .. } وتلقفها منه كثير من أهل الأهواء والمبتدعة، مثل الشيخ الصابوني، فذكرها برمتها في " مختصره "! (1/ 410) وفيها زيادة في آخرها: " ثم انصرف الأعرابي، فغلبتني عيني، فرأيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في النوم، فقال: يا عتبي! الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له " وهي في " ابن كثير " غير معزوة لأحد منالمعروفين من أهل الحديث وهي حكاية مستنكرة، بل باطلة، لمخالفتها الكتاب والسنة، ولذلك يلهج بها المبتدعة، لأنها تجيز الاستغاثة بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وطلب الشفاعة منه بعد وفاته، وهذا من أبطل الباطل، كما هو معلوم، وقد تولى بيان ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه وبخاصة في " التوسل والوسيلة


    الرد على شبه المستغيثين
    وإني لأشعر- -أنه لم يبق عند المستغيثين بغير ربِّ العالمين شبهة تُذْكَر إلا أن يقولوا:
    سلَّمْنَا بكلِّ ما ذَكَرْتُم، ولكن هل من مانع يمنع أن نطلب منهم ما كان بمقدورهم في الحياة الدنيا؛ كالدعاء مثلاً، فبدل أن نقول مثلا: يا رسول الله أغِثْنَا، أو اشفع لنا، نقول: ادعُ الله لنا أنْ يغيثنا، أو أنْ يشفِّعك فينا، ولا نقول: يا رسول الله اغفر لنا ذنوبنا، وإنما نقول: استغفر لنا ذنوبنا، بل إن هذا بعينه هو قصدنا نحن وإن أسأنا التعبير! فقد جاء في الحديث: " تعرض على أعمالكم؛ فإن رأيتُ خيراً حمدت الله، وإن رأيتُ شراً استغفرت لكم" وهو حديث ضعيف

    وجواباً عليه أقول:
    إنْ سلَّمنا بأنَّ ذلك هو القصد، فالطَّلَب من أصله خطأ وضلال لا يجوز، بل يجب الامتناع منه فوراً، وبيانه من وجهين:


    الأول: أنه ينافي الإخلاص لله تعالى في دعائه وعبادته وحده، وفي ذلك آيات كثيرة صريحة في النهي عن دعاء غير الله تعالى من الأولياء والصالحين كما سيأتي، وقد مضى بعضها، ومنها قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ في السَّمَاوَاتِ وَلَا في الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ، وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}

    "ومثل هذا في القرآن كثير: ينهى أن يُدْعَى غير الله؛ لا الملائكة، ولا الأنبياء، ولا غَيْرهم؛ فإنَّ هذا شرك، أو ذريعة إلى الشِّرك، بخلاف ما يُطْلَبُ من أحدهم في حياته من الدعاء والشفاعة؛ فإن لا يُفضِى إلى ذلك؛ فإنَّ أحداً من الأنبياء والصالحين لم يُعْبِد في حياته بحضرته؛ فإنه ينهى من يفعل ذلك بخلاف دعائهم بعد موتهم؛ فإن ذلك ذريعة إلى الشِّرك بهم، وكذلك دعاؤهم في مغيبهم هو ذريعة إلى الشٍّرك.


    فمن رأى نبيًّا أو مَلَكاً من الملائكة، وقال له: "ادعُ لي " لم يُفْضِ ذلك إلى الشرك به، بخلاف مَن دعاه في مغيبه؛ فإنَّ ذلك يفضي إلى الشرك به كما قد وقع؛ فإنَّ الغائب والميت لا ينهى من يشرك به، بل إذا تعلَّقت القلوب بدعائه وشفاعته أَفْضَى ذلك إلى الشرك به، فدُعِي، وقُصِد مكان قبرِه أو تمثاله أو غير ذلك، كما قد
    وقع فيه المشركون ومَن ضاهاهم من أهل الكتاب ومبتدعة المسلمين.


    ومعلومٌ أن الملائكة تدعو للمؤمنين وتستغفر لهم كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ}

    فالملائكة يستغفرون للمؤمنين مِن غير أن يسألهم أحد، وكذلك ما رُوِى أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أو غيره من الأنبياء والصالحين- يدعو ويشفع للأخيار من أمته هو من هذا الجنس، هم يفعلون ما أَذِنَ الله لهم فيه بدون سؤال أحد.
    وإذا لم يُشرع دعاء الملائكة لم يُشرع دعاء من مات من الأنبياء والصالحين، ولا أن نطلب منهم الدُّعاء والشَّفَاعَة، وإنْ كانوا يدعون ويشفعون؛ لوجهين:


    أحدهما: أنَّ ما أمَرهم اللهُ به من ذلك هم يفعلونه وإن لم يُطْلَبْ منهم، وما لم يُؤمروا به لا يفعلونه ولو طُلِبَ منهم؛ فلا فائدة في الطلب منهم.
    الثاني: أن دعاءهم وطلبَ الشفاعة منهم في هذه الحال يُفْضِى إلى الشِّرك بهم؛ ففيه هذه المفسدة، فلو قُدِّر أنَّ فيه مصلحة لكانت هذه المفسدة راجحة، فكيف ولا مصلحة فيه، بخلاف الطلب منهم في حياتهم وحضورهم؛ فإنه لا مفسدة فيه؛ فإنهم ينهون عن الشِّرك بهم، بل فيه منفعة؛ وهو أنهم يُثَابُون ويُؤجَرُون على ما يفعلونه حينئذٍ من نفع الخلق كلهم؛ فإنَّهم في دارِ العمل والتكليف، وشفاعتهم في الآخرة فيها إظهار كرامة الله لهم يوم القيامة".


    "وكذلك الأنبياء والصَّالحون، وإن كانوا أحياء في قبورهم، وإنْ قُدِّر أنَّهم
    يدعون للأحياء، وإنْ وردت به آثار فليس لأحدٍ أن يطلبَ منهم ذلك، ولم يفعل ذلك أحدٌ من السَّلف؛ لأنَّ ذلك ذريعةٌ إلى الشِّرك بهم، وعبادتهم من دون الله تعالى، بخلاف الطلب من أحدهم في حياته، فإنه لا يُفْضِى إلى الشرك، ولأن ما تفعله الملائكة ويفعله الأنبياء والصالحون هو بالأمر الكوني؛ فلا يؤثِّرُ فيه سؤال السائلين، بخلاف سؤال أحدهم في حياته؛ فإنه يشرع إجابة السائل، وبعد الموت انقطع التكليف عنهم".

    والخلاصة: أن طلب الدعاء والشفاعة ونحو ذلك من الأنبياء والصالحين بعد موتهم لا يجوز؛ لأنَّه شِرك، أو ذريعةٌ إلى الشِّرك، وهذا هو الوجه الأول من الوجهين الدَّالَّين على ذلك.
    والوجه الآخر: أن ذلك يعني عند الطالبين أن الأنبياء والصالحين يسمعون طلبتهم، وإلا كان دعاؤهم ومناداتهم بذلك سخفا جليًّا، وضلالاً بيِّناً، وهذا مما يترفع عنه العاقل، بله المؤمن؛ لأنه باطل بداهةً وفطرة، وبذلك احتج الله على المشركين في مواطن كثيرة من القرآن، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا}؟! ولذلك كانت حجة إبراهيم على أبيه وقومه: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا}

    وقال: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ، قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ، قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ، قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}

    فقد اعترفوا بهذه الحجة القاطعة وخضعوا لها في قلوبهم، ولكنهم عاندوا وعدلوا عنها إلى قولهم: {بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}
    إذا عَرَفت هذا؛ فتنبَّه أيُّها المسلم المبتلَى بدعاء الأولياء والصالحين من دون الله تعالى

    هل أنت تعتقد أنهم حين تناديهم لا يسمعونك؟ إذن فأنت مع مخالفتك للعقل والفطرة السليمة مثل أولئك المشركين من قوم إبراهيم وغيرهم، ولا فرق، فلا ينفعك والحالة هذه ما تدِّعيه من إسلام وإيمان؛ لأن الله تعالى يقول في القرآن: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ}
    وإن كنت تزعم أنهم يسمعونك؛ ولذلك تناديهم وتستغيث بهم وتطلب منهم، فهي ضلالةٌ أخرى فُقْتَ بها المشركين! وإني لأعيذك بالله أن تكون منهم في شيء.


    فأعلم أخي المسلم أنَّ كلَّ ما أعطاه الله تعالى للبشر-وفيهم الأنبياء والأولياء-من قدرات وصفات، أن كلَّ ذلك يذهب بالموت؛ كالسَّمع والبصر، والبطش، والمشي، ونحو ذلك، فما يبقى منها شيءٌ كما هو مُشَاهَد، اللهم إلا الرّوح باتفاق المسلمين، وأجساد الأنبياء كما في الحديث الصحيح،
    فمن زعم أنَّ الموتى يسمعون، فهو كالذي يزعم أنهم يبصرون ويبطشون ويتصرفون، فكل هذا-مع كونه خلاف المشَاهَد-إنما هو تحدُّثٌ عما وراء العقل والمادة، وذلك مما لا يجوز شرعاً؛ لأنه من الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى، وإذا كان الأمر كذلك-وهو كذلك يقيناً لا شكَّ فيه-فلا يجوز نسبة شيء مما ذُكِرَ إلى الموتى جميعاً إلا بنصٍّ من الشارع الحكيم، فهل جاء نص يثبت للموتى صفة السمع؛

    أي أنَّ من طبيعة الميت أن يسمع الكلام كما كان قبل موته، وأن ذلك صفة له كما كانت له قبل ذلك، أم الأمر على النقيض من ذلك،
    {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ المَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، وَمَا أَنْتَ بِهَادِي العُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ}
    والحمد لله رب العالمين
يعمل...
X