إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شاعر المقاومة الفلسطينية: محمود درويش (جميع قصائده )متجدد.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    تابع...
    ضباب كثيف على الجسر..

    وبقينا علي الجسر عشرين عاما
    أكلنا الطعام المعلّب عشرين عاما
    لبسنا ثياب الفصول،
    استمعنا إلي الأغنيات الجديدة،
    جيدة الصنع،
    من ثكنات الجنود
    تزوَّج أولادنا بأميرات منفي
    وغيَّرن أسماءهم،
    وتركنا مصائرنا لهواة الخسائر
    في السينما.
    وقرأنا علي الرمل آثارنا
    لم نكن غامضين ولا واضحين
    كصورة فجر كثيرِ التثاؤبِ

    قلت: أما زال يجرحك الجرح، يا صاحبي؟
    قال لي: لا أحسّ بشيء
    فقد حوَّلت فكرتي جسدي دفترا للبراهين،
    لا شيء يثبت أَني أنا
    غَيْر موت صريح علي الجسر،
    أَرنو إلي وردة في البعيد
    فيشتعل الجمر
    أرنو إلي مسقط الرأس، خلف البعيد
    فيتسع القبر

    قلت: تمهل ولا تَمتِ الآن. إنَّ الحياةَ
    علي الجسر ممكنة. والمجاز فسيح المدي
    هاهنا بَرْزَخٌ بين دنيا وآخرةٍ
    بين منفى وأرض مجاورة...
    قال لي، والصقور تحلق من فوقنا:
    خذِ اسمي رفيقا وحدِّثه عني
    وعش أنت حتي يعود بك الجسر
    حيّاً غدا
    لا تقل: إنه مات، أو عاش
    قرب الحياة سدي!
    قل: أطلَّ علي نفسه من علي
    ورأي نفسه ترتديِ شجرا، واكتفي
    بالتحيَّة:

    إن كان هذا الطريق طويلا
    فلي عَمَل في الأساطير

    كنت وحيدا علي الجسر، في ذلك
    اليوم، بعد اعتكاف المسيح علي
    جبل في ضواحي أريحا.. وقبل القيامة.
    أمشي ولا أستطيع الدخول ولا أستطيع
    الخروج... أدور كزهرة عبَّاد شمسِ.
    وفي الليل يوقظني صوت حارسة الليل
    حين تغنٌي لصاحبها:

    لا تَعِدْني بشيءٍ
    ولا تهدِني
    وردة من أريحا

    اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

    تعليق


    • #32

      <\
      يقول السائق العصبي ها نحن اقتربنا
      من محطتنا الاخيرة فاستعدوا لنزول
      فــــــــيــــــصــــــرخـــــون :
      نريد ما بعد المحطة فانطلق ..

      أما أنا فأقول أنزلني هنا ..
      أنا مثلهم لا شيء يعجبني
      ولكني تعبت من السفر ...
      لا شيء يعجبني,,,
      يقول مسافر في الباص لا شيء يعجبني,,,
      لا الراديو ولا صحف الصباح ولا القلاع على التلال,,,
      أريد أن أبكي,,,
      يقول السائق " انتظر الوصول للمحطة وابكي وحدك ما استطعت,,,
      تقول سيدة " أنا ايضا ,,,انا لا شيء يعجبني,,,
      دللت ابني على قبري فأعجبه ونااام,,,
      ولم يودعني,,,
      يقول الجامعي : ولا أنا لا شيء يعجبني,,,
      درست الأنثربولوجيا دون ان أجد الهوية في الحجارة,,,
      هل انا حقا أنا ؟؟؟
      ويقول جندي : أنا أيضا أنا لا شيء يعجبني,,,
      أحاصر دائما شبحا يحاصرني,,,
      يقول السائق العصبي: ها نحن اقتربنا من محطتنا الأخيرة
      فاستعدوا للنزول,,,
      فيصرخون:
      نريد ما بعد المحطة فانطلق ,,,
      أما أنا فأقول : أنزلني هنا ,,,
      أنا مثلهم ,,,لا شيء يعجبني,,,
      ولكني تعبت من السفر ,,



      اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

      تعليق


      • #33
        اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

        تعليق


        • #34
          بيت من الشعر / بيت الجنوبي



          [في ذكرى أمل دنقل]
          واقفاً مَعَهُ تحت نافذةٍ،
          أتأمَّلُ وَشْمَ الظلال على
          ضفَّة الأَبديَّةِ، قُلتُ له:
          قد تغيَّرتَ يا صاحبي .... وَانْفَطَرْتَ
          فها هِيَ درّاجةُ الموت تدنو
          ولكنها لا تحرِّكُ صرختك الخاطفةْ
          قال لي: عِشْتُ قرب حياتي
          كما هِيَ،
          لا شيءَ يُثْبِتُ أَنِّيَ حيٌّ
          ولا شيءَ يثبتُ أَنيَ مَيْتٌ
          ولم أَتدخّل بما تفعلُ الطيرُ بي
          وبما يحمِلُ الليل مِنْ
          مَرَضِ العاطفةْ
          أَلغيابُ يرفّ كزوجَيْ حمامٍ على النيل...
          يُنْبِئُنا باختلاف الخُطَى حول فعل المُضارعِ....
          كُنّا معاً، وعلى حِدَةٍ، نَسْتَحِثُّ غداً
          غامضاً. لا نريدُ من الشيء إلاّ
          شفافيَّةَ الشيء: حدِّقْ تَرَ الوردَ
          أسوَد في الضوء. واُحلُمْ تَرَ الضوءَ
          في العتمة الوارفةْ...
          ألجنوبيُّ يحفظ درب الصعاليك عن
          ظهر قلبٍ . ويُشْهُهُم في سليقتهم
          وارتجالِ المدى. لا ((هناك)) له،
          لا ((هنا)), لا عناوينَ للفوضويّ
          ولا مِشْجَبٌ للكلام. يقول: النظامُ
          اُحتكامُ الصدى للصدى. وأَنا صوتُ
          نفسي المشاع: أَنا هُوَ أنتَ ونحنُ أَنا.
          وينامُ على دَرَج الفجر: هذا هو
          البيتُ، بيتٌ من الشعر، بيتُ الجنوبيِّ.
          لكنَّهُ صارمٌ في نظام قصيدته . صانعٌ
          بارعٌ يُنِقذُ الوَزْنَ من صَخَب العاصفةْ
          ألغيابُ على حاله . قَمَرٌ عابرٌ فوق
          خُوفُو يُذهِّبُ سَقْفَ النخيل. وسائحةٌ
          تملأ الكاميرا بالغياب، وتسأل: ما
          الساعةُ الآن؟ قال لها: الساعةُ
          الآن عَشْرُ دقائقَ ما بعد سبعةِ
          آلاف عامٍ من الأبجديَّة. ثم تنهّد:
          مِصْرُ الشهيّةُ، مِصْرُ البهيَّةُ مشغولةٌ
          بالخلود. وأَمَّا أَنا...فمريضٌ بها، لا
          أفكِّرُ إلا ّبصحّتها، وبِكسْرَة خبزِ
          غدي الناشفةْ
          شاعرٌ’ شاعرٌ من سُلاَلَة أَهل
          الخسارة, واُبنٌ وفيٌ لريف المساكينِ.
          قرآنُهُ عربيٌّ، ومزمورُهُ عربيٌّ، وقُرْبَانُهُ
          عربيٌّ. وفي قلبه زَمَنانِ غريبان،
          يبتعدان ويقتربان: غدٌ لا يكفُّ
          عن الاعتذارِ: ((نَسِيتُكَ، لا تنتظرني))
          وأَمس يجرُّ مراكبَ فرعونَ نحو الشمال:
          ((انتظرتُكَ , لكنْ تأخرتَ)). قُلْتُ لَهُ:
          أَين كُنْتَ إذاً؟ قال لي: كُنْتُ
          أَبحث عن حاضري في جَنَاحَيْ سُنُونُوّةٍ
          خائفةْ...
          أَلجنوبيُّ يحملُ تاريخَهُ بيَدَيْهِ، كحفنة قمحٍ،
          ويمشي على نفسه واثقاً من يسوع
          السنابل. إنَّ الحياةَ بديهيَّةٌ... فلماذا
          نفسِّرها بالأساطير؟ إنَّ الحياة حقيقيّةٌ
          والصفاتِ هِيَ الزائفةْ

          قال لي في الطريق إلى ليله:
          كُلَّما قُلْتُ: كلاّ. تجلّى لِيَ اللهُ
          حريَّةٌ... وبلغتُ الرضا الباطنيَّ عن
          النفس. قلتُ: وهل يُصْلِحُ الشعرُ
          ما أفسد الدهرُ فينا وجنكيزخان
          وأحفادُهُ العائدون إلى النهرِ؟
          قال: على قَدْر حُلْمكَ تَتَسع الأرضُ.
          والأرضُ أمّ المخيّلة النازفةْ
          قال في آخر الليل: خذني إلى البيتِ،
          بيتِ المجاز الأخيرِ...
          فإني غريبٌ هنا يا غريبُ،
          ولا شيءَ يُفْرحُني قرب بيتِ الحبيب
          ولا شيءَ يجرحني في ((طريق الحبيب)) البعيدةِ
          قلت: وماذا عن الروحِ؟
          قال: سَتَجْلسُ قُرْبَ حياتي
          فلا شيءَ يُثْبِتُ أنِّيَ ميتٌ
          ولا شي يثبتُ أنِّيَ حيٌّ

          ستحيا, كما هِيَ
          حائرة آسفةْ...
          اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

          تعليق


          • #35
            لا ينظرون وراءهم


            لا ينظرون وراءهم ليودِّعوا منفى،
            فإنَّ أمامهم منفى، لقد ألِفوا الطريق
            الدائريَّ، فلا أمام ولا وراء، ولا
            شمال ولا جنوب. "يهاجرون" من
            السياج الى الحديقة. يتركون وصيةً
            في كل مترٍ من فناء البيت:
            "لا تتذكروا من بعدنا
            إلا الحياة"...
            "يسافرون" من الصباح السندسي الى
            غبارٍ في الظهيرة، حاملين نُعوشَهُم ملأى
            بأشياء الغياب: بطاقة شخصية، ورسالةٍ
            لحبيبةٍ مجهولةِ العنوانِ:
            "لا تتذكري من بعدنا
            إلا الحياة"
            و"يرحلون" من البيوت الى الشوارع،
            راسمين إشارة النصر الجريحة، قائلين
            لمن يراهُمْ:
            "لم نَزَلْ نحيا، فلا تتذكّرونا"!
            يخرجون من الحكاية للتنفُّس والتشمُّس.
            يحلُمون بفكرةِ الطيرانِ أعلى... ثم أعلى.
            يصعدون ويهبطون. ويذهبون ويرجعون.
            ويقفزون من السيراميك القديم الى النجوم.
            ويرجعون الى الحكاية... لا نهاية للبدايةِ.
            يهربون من النعاس الى ملاك النوم،
            أبيضَ، أحمرَ العينين من أثر التأمُّل
            في الدم المسفوك:
            "لا تتذكروا من بعدنا
            إلا الحياة".
            اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

            تعليق


            • #36
              اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

              تعليق


              • #37
                في الشام


                في الشام، أَعرفُ مَنْ أنا وسط الزحام.
                يَدُلّني قَمَرٌ تَلأْلأَ في يد اُمرأةٍ... عليَّ.
                يدلّني حَجَرٌ تَوَضَّأ في دموع الياسمينة
                ثم نام. يدلُّني بَرَدَى الفقيرُ كغيمةٍ
                مكسورةٍ. ويَدُلّني شِعْرٌ فُروسيّ عليَّ:
                هناك عند نهاية النفق الطويل مُحَاصَرٌ
                مثلي سَيُوقِدُ شمعةً، من جرحه، لتراهُ
                ينفضُ عن عباءَتِهِ الظلامَ. تدلّني رَيْحانةٌ
                أرختْ جدائلها على الموتى ودفّأت الرخام.
                "هنا يكون الموتُ حبّاً نائماً" ويدُلُّني
                الشعراءُ، عُذْريِّين كانوا أم إباحيِّينَ،
                صوفيِّين كانوا أم زَنَادِقَةً،
                عليَّ: إذا
                آخْتَلَفْتَ عرفتَ نفسكَ، فاختلفْ تجدِ
                الكلامَ على زهور اللوز شفّافاً، ويُقْرئْكَ
                السماويُّ السلامَ. أَنا أَنا في الشام،
                لا شَبهي ولا شَبحي. أَنا وغدي يداً
                بيدٍ تُرَفْرِفُ في جناحَيْ طائرٍ. في الشام
                أمشي نائماً، وأنام في حِضْن الغزالةِ
                ماشياً. لا فرق بين نهارها والليل
                إلاّ بعضُ أشغال الحمام. هناك أرضُ
                الحُلْمِ عاليةٌ، ولكنَّ السماءَ تسيرُ عاريةً
                وتَسكُنُ بين أَهل الشام ...
                اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                تعليق


                • #38
                  اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                  تعليق


                  • #39
                    في الانتظار


                    في الانتظار، يُصيبُني هوس برصد
                    الاحتمالات الكثيرة: ُربَّما نَسِيَتْ حقيبتها
                    الصغيرة في القطار، فضاع عنواني
                    وضاع الهاتف المحمول، فانقطعت شهيتها
                    وقالت: لا نصيب له من المطر الخفيف/
                    وربما انشغلت بأمر طارئٍ أو رحلةٍ
                    نحو الجنوب كي تزور الشمس، واتَّصَلَتْ
                    ولكن لم تجدني في الصباح، فقد
                    خرجت لاشتري غاردينيا لمسائنا وزجاجتينِ
                    من النبيذ/
                    وربما اختلفت مع الزوجِ القديم على
                    شئون الذكريات، فأقسمت ألا ترى
                    رجلاً يُهدِّدُها بصُنع الذكريات/
                    وربما اصطدمت بتاكسي في الطريقِ
                    إليَ، فانطفأت كواكب في مَجَرّتها.
                    وما زالت تُعالج بالمهدىء والنعاس/
                    وربما نظرت الى المرآة قبل خروجها
                    من نفسها، وتحسَّست أجاصَتَيْن كبيرتينِ
                    تُموِّجان حريرَها، فتنهَّدت وترددت:
                    هل يستحقُّ أنوثتي أحد سوايَ/
                    وربما عبرتْ، مصادفةً، بِحُبٍّ
                    سابقٍ لم تَشْفَ منه، فرافقته إلى
                    العشاءِ/
                    وربَّما ماتَت،
                    فان الموت يعشق فجأة، مثلي،
                    وإن الموتَ، مثلي، لا يحبُّ الانتظار
                    اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                    تعليق


                    • #40
                      اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                      تعليق


                      • #41


                        كمقهي صغير هو الحب
                        محمود درويش - فلسطين
                        كمقهي صغير علي شارع الغرباء
                        هو الحبّ... يفتح أَبوابه للجميع.
                        كمقهي يزيد وينقص وَفْق المناخ:
                        إذا هَطَلَ المطر ازداد روَّاده،
                        وإذا اعتدل الجوّ قَلّوا ومَلّوا...
                        أَنا هاهنا يا غريبة في الركن أجلس
                        ما لون عينيكِ؟ ما اَسمك؟ كيف
                        أناديك حين تمرِّين بي ، وأَنا جالس
                        في انتظاركِ؟
                        مقهي صغيرٌ هو الحبّ. أَطلب كأسيْ
                        نبيذ وأَشرب نخبي ونخبك. أَحمل
                        قبَّعتين وشمسيَّة. إنها تمطر الآن.

                        تمطر أكثر من أيِّ يوم، ولا تدخلينَ
                        أَقول لنفسي أَخيرا: لعلَّ التي كنت
                        أنتظر انتظَرتْني... أَو انتظرتْ رجلا
                        آخرَ انتظرتنا ولم تتعرف عليه/ عليَّ،
                        وكانت تقول: أَنا هاهنا في انتظاركَ.
                        ما لون عينيكَ؟ أَيَّ نبيذٍ تحبّ؟
                        وما اَسمكَ؟ كيف أناديكَ حين
                        تمرّ أَمامي
                        كمقهي صغير هو الحب



                        اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                        تعليق


                        • #42
                          اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                          تعليق


                          • #43
                            لا أنام لأحلم
                            محمود درويش - فلسطين
                            لا أَنام لأحلم قالت لَه
                            بل أَنام لأنساكَ. ما أطيب النوم وحدي
                            بلا صَخَب في الحرير، اَبتعدْ لأراكَ
                            وحيدا هناك، تفكٌِر بي حين أَنساكَ/
                            لا شيء يوجعني في غيابكَ
                            لا الليل يخمش صدري ولاشفتاكَ...
                            أنام علي جسدي كاملا كاملا
                            لا شريك له،
                            لا يداك تشقَّان ثوبي، ولا قدماكَ
                            تَدقَّان قلبي كبنْدقَة عندما تغلق الباب/
                            لاشيء ينقصني في غيابك:
                            نهدايَ لي. سرَّتي. نَمَشي. شامتي،

                            ويدايَ وساقايَ لي. كلّ ما فيَّ لي
                            ولك الصّوَر المشتهاة، فخذْها
                            لتؤنس منفاكَ، واَرفع رؤاك كَنَخْب
                            أخير. وقل إن أَردت: هَواكِ هلاك.
                            وأَمَّا أَنا، فسأصْغي إلي جسدي
                            بهدوء الطبيبة: لاشيء، لاشيء
                            يوجِعني في الغياب سوي عزْلَةِ الكون

                            اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                            تعليق


                            • #44
                              الجدارية
                              محمود درويش - فلسطين

                              هذا هو اسمك /
                              قالتِ امرأة ،
                              وغابتْ في الممرٌِ اللولبيٌِ“
                              أري السماء هناك في متناولِ الأيدي .
                              ويحملني جناح حمامة بيضاء صوْب
                              طفولة أخري . ولم أحلمْ بأني
                              كنت أحلم . كلٌ شيء واقعيٌ . كنْت
                              أعلم أنني ألْقي بنفسي جانبا“
                              وأطير . سوف أكون ما سأصير في
                              الفلك الأخيرِ .

                              وكلٌ شيء أبيض ،
                              البحر المعلٌق فوق سقف غمامةٍ
                              بيضاء . والٌلا شيء أبيض في
                              سماء المطْلق البيضاءِ . كنْت ، ولم
                              أكنْ . فأنا وحيد في نواحي هذه
                              الأبديٌة البيضاء . جئت قبيْل ميعادي
                              فلم يظْهرْ ملاك واحد ليقول لي :
                              (( ماذا فعلت ، هناك ، في الدنيا ؟ ))
                              ولم أسمع هتاف الطيٌِبين ، ولا
                              أنين الخاطئين ، أنا وحيد في البياض ،
                              أنا وحيد “

                              لاشيء يوجِعني علي باب القيامةِ .
                              لا الزمان ولا العواطف . لا
                              أحِسٌ بخفٌةِ الأشياء أو ثِقلِ
                              الهواجس . لم أجد أحدا لأسأل :
                              أين (( أيْني )) الآن ؟ أين مدينة
                              الموتي ، وأين أنا ؟ فلا عدم
                              هنا في اللا هنا “ في اللازمان ،
                              ولا وجود

                              وكأنني قد متٌ قبل الآن “
                              أعرف هذه الرؤيا ، وأعرف أنني
                              أمضي إلي ما لسْت أعرف . ربٌما
                              ما زلت حيٌا في مكان ٍ ما، وأعرف
                              ما أريد “
                              سأصير يوما ما أريد

                              سأصير يوما فكرة . لا سيْف يحملها
                              إلي الأرضِ اليبابِ ، ولا كتاب “
                              كأنٌها مطر علي جبلٍ تصدٌع من
                              تفتٌح عشْبة ٍ ،
                              لا القوٌة انتصرتْ
                              ولا العدْل الشريد
                              سأصير يوما ما أريد

                              سأصير يوما طائرا ، وأسلٌ من عدمي
                              وجودي . كلٌما احترق الجناحانِ
                              اقتربت من الحقيقةِ ، وانبعثت من
                              الرمادِ . أنا حوار الحالمين ، عزفْت
                              عن جسدي وعن نفسي لأكْمِل
                              رحلتي الأولي إلي المعني ، فأحْرقني
                              وغاب . أنا الغياب . أنا السماويٌ
                              الطريد .
                              سأصير يوما ما أريد

                              سأصير يوما كرمة ،
                              فلْيعْتصِرني الصيف منذ الآن ،
                              وليشربْ نبيذي العابرون علي
                              ثريٌات المكان السكٌريٌِ !
                              أنا الرسالة والرسول
                              أنا العناوين الصغيرة والبريد
                              سأصير يوما ما أريد
                              اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                              تعليق


                              • #45
                                هذا هو اسمك /
                                قالتِ امرأة ،
                                وغابتْ في ممرٌِ بياضها .
                                هذا هو اسمك ، فاحفظِ اسْمك جيٌِدا !
                                لا تختلفْ معه علي حرْفي
                                ولا تعْبأْ براياتِ القبائلِ ،
                                كنْ صديقا لاسمك الأفقِيٌِ
                                جرٌِبْه مع الأحياء والموتي
                                ودرٌِبْه علي النطْق الصحيح برفقة الغرباء
                                واكتبْه علي إحدي صخور الكهف ،
                                يا اسمي : سوف تكبر حين أكبر
                                سوف تحمِلني وأحملك
                                الغريب أخ الغريب
                                سنأخذ الأنثي بحرف العِلٌة المنذور للنايات
                                يا اسمي: أين نحن الآن ؟
                                قل : ما الآن ، ما الغد ؟
                                ما الزمان وما المكان
                                وما القديم وما الجديد ؟
                                سنكون يوما ما نريد

                                لا الرحلة ابتدأتْ ، ولا الدرب انتهي
                                لم يبْلغِ الحكماء غربتهمْ
                                كما لم يبْلغ الغرباء حكمتهمْ
                                ولم نعرف من الأزهار غير شقائقِ النعمانِ ،
                                فلنذهب إلي أعلي الجداريات :
                                أرض قصيدتي خضراء ، عالية ،
                                كلام الله عند الفجر أرض قصيدتي
                                وأنا البعيد
                                أنا البعيد

                                في كلٌِ ريحي تعْبث امرأة بشاعرها
                                * خذِ الجهة التي أهديتني
                                الجهة التي انكسرتْ ،
                                وهاتِ أنوثتي ،
                                لم يبْق لي إلاٌ التأمٌل في
                                تجاعيد البحيْرة . خذْ غدي عنٌِي
                                وهاتِ الأمس ، واتركنا معا
                                لا شيء ، بعدك ، سوف يرحل
                                أو يعود

                                * وخذي القصيدة إن أردتِ
                                فليس لي فيها سواكِ
                                خذي (( أنا )) كِ . سأكْمل المنفي
                                بما تركتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ .
                                فأيٌنا منا (( أنا )) لأكون آخرها ؟
                                ستسقط نجمة بين الكتابة والكلامِ
                                وتنْشر الذكري خواطرها : ولِدْنا
                                في زمان السيف والمزمار بين
                                التين والصبٌار . كان الموت أبطأ .
                                كان أوْضح . كان هدْنة عابرين
                                علي مصبٌِ النهر . أما الآن ،
                                فالزرٌ الإلكترونيٌ يعمل وحْده . لا
                                قاتل يصْغي إلي قتلي . ولا يتلو
                                وصيٌته شه

                                اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                                تعليق

                                يعمل...
                                X