إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفهوم كلمة التوحيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفهوم كلمة التوحيد



    مفهوم كلمة التوحيد


    بسم الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد ألَّا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله




    أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،

    وبعد، قال الله عز وجل في القرآن الكريم، مخاطبا النبي صلى الله عليه وآله وسلم آمرا اياه بأن يبلغ أمته بالأصل الأول لهذا الإسلام العظيم، فقال عز وجل " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا {(110)} الكهف،



    قال علماء التفسير في شرحهم وبيانهم لهذه الآية الكريمة أنها تضمنت أمرين اثنين عظيمين جدا، الأول منهما: عبادة الله عز وجل وحده لا شريك له " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ" قوله تبارك وتعالى: " أَنَّمَا إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ " فيه اشارة صريحة الى الأصل الأول من أصول الإسلام، ألا وهو شهادة ألّا إله إلّا الله.



    هذه الشهادة وهذه الكلمة الطيبة التى لا يمكن لبشر أن يسعد في الدنيا وفى الأخرى إلا بأن ينطق بها أولا، ثم أن يفهمها فهما صحيحا



    ثانيا ثم أن يقوم بلوازمها ومقتضياتها ثالثا وأخيرا، والواقع المؤسف أن كثيرا منّا معشر المسلمين فضلا عن الأقوام الآخرين أنهم لا يفقهون معنى هذه الكلمة أولا ثم بالتالى هم أو كثير منهم لا يؤمنون بحقيقتها ثانيا، و نتيجة طبيعية لهذا وذاك لا يقومون بمقتضياتها ولوازمها ثالثا، ولذلك فأول ما ينبغى أن يعرف كل مسلم من هذه الكلمة حينما يقولها، سواءاً متقربا بها الى الله عز وجل كذكرعامٍ أو يقولها مثلا في تشهده فى صلاته، أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، ينبغى أن يعرف حقيقة هذه الكلمة الطيبة التى من عاقبة أمرها أن يكون ناجيا قائلها، والمؤمن بها حقا أن يكون ناجيا من الخلود في النار يوم القيامة " يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ



    ما هو معنى هذه الكلمة الطيبة؟، إن معناها بإيجاز وبكلام مقتضب جدا: لا إله: أى لا معبود بحق في الوجود إلا الله تبارك وتعالى، كثير من الناس يفسرون الإله بأنه الرب، وهذا تفسير قاصر، من قال لا إله إلا الله بمعنى لا رب إلا الله، لم يشهد شهادة الحق ولم يأتمر بأمر الله عز وجل في القرآن الكريم:" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ... "

    لا شك أن العرب الأولين كانوا مع كفرهم وضلالهم المبين، بحكم كونهم عربا إقحاحا كانوا يعرفون معنى هذه الكلمة الطيبة، ولذلك كان موقفهم تجاه دعوة النى صلى الله عليه وآله وسلم اياهم أن يقولوا لا إله إلا الله أنهم يستكبرون كما جاء ذلك صراحة في القرآن الكريم، " إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ

    ذلك لأنهم يفهمون أن معنى لا إله أى لا معبود بحق إلا الله بينما هم كانوا يعبدون مع الله آلهة أخرى، لذلك جاء في القرآن الكريم حاكيا عن أولئك المشركين الذين رفضوا دعوة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم حينما دعاهم أن اعبدوا الله واجتنبوا لطاغوت، حكى الله عز وجل عنهم فقال: " ... وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ....



    إذن هم يصرحون بأنهم يعبدون معبودات كثيرة، ولما فهموا من دعوة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إياهم الى أن يقولوا ويشهدوا من خالص قلوبهم ألا إله إلا الله، لما عرفوا أن هذه الشهادة إذا قالوها لزمهم أن يكفروا بكل المعبودات التى كانوا يعبدونها من دون الله، ولذلك كفروا، وعتوا واستكبروا فقالوا " أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ "

    أي إله واحد يعبد من دون الآلهة التى كان يعبدونها من دون الله تبارك وتعالى، فلذلك الواجب على كل مسلم أن يكون على معرفة واضحة مقطوع بها في قلبه أن لا إله -معناها- لا أقول لا معبود إلا الله، أرجوا الإنتباه إلى القيد الذى يذكره العلماء وهو أنه لا معبود بحق في الوجود إلا الله أما إذا قال القائل لا معبود إلا الله، هذا معنى ضد التوحيد تماما، لو كان أكثر الناس يعلمون.

    ذلك بأن المعبودات في نفس الاية السابق ذكرها " ... وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى .... " ، فالمعبودات كثيرة، وليست المعبودات هو الإله الحق الواحد، ولذلك لا ينبغى أن يعتقد المسلم إنه لا معبود في الوجود إلا الله عز وجل وحده لا شريك له وهو معبود وحيد، ولا ينبغى أن يقال لا معبود إلا الله، وإنما يضاف الى ذلك لا معبود بحق، فإذن فالمعبودات في الوجود - كأمر واقع - كثيرة وكثيرة جداً كلها باطلة إلا المعبود الحق وهو الله تبارك وتعالى.




    إذن لا إله معناها لا معبود، ليس معناها لا رب لأن الله هو الرب كما نقول في الفاتحة " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لكن إذا آمن بأن الله هو رب العالمين ثم عبد غيره فما آمن بقوله لا إله إلا الله، ولذلك فالعرب في الجاهلية كانوا من جهة مؤمنين، ومن جهة أخرى مشركين، ولذلك ذكر ربنا عز وجل في القرآن الكريم مشيرا إلى هذه الحقيقة وهو قوله تبارك وتعالى: "وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ " " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ"

    إذن هذا أمر ضروري جدا يمكن أن يجتمع في قلب الإنسان، إيمان من جهة، وشرك من جهة اخرى، هذا هو صريح الآية السابقة، " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ" هل عنى الله عز وجل بهذه الآية يوم نزلت المشركين الذين كانوا يعبدون اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى؟، الجواب: نعم، أول من عناهم رب العالمين هم العرب المشركين الذين دعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له فقالوا كما سمعتم آنفا فيما حكاه الله عز وجل عنهم " أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ "



    إذن على المسلم أن يلاحظ هذا المعنى حتى يستفيد من قوله أشهد ألا إله إلا الله، كما قال عليه الصلاة والسلام " من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله _ وهناك روايات متعددة وكلها صحيحة ولكن تطبيقها يختلف باختلاف القائل لها، ففي بعض الروايات: "من مات وهو يشهد ألا إله إلا الله حرم الله بدنه على النار"

    معنى ذلك أنه لا يدخل النار ابدا، هذا لمن فهمها فهما صحيحا في حدود بيان المذكور أولا، ثم بعد الفهم والمعرفة بها ثم آمن بها ثم طبقها بكل لوازمها ومقتضياتها كما قال عليه السلام مشيرا الى هذه الحقيقة الهامة وهو قوله عليه السلام: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " تبارك وتعالى، إذن فالذى ينجوا من الدخول في النار ليس هو الذى يقولها بلسانه ولمَّا يدخل الإيمان في قلبه، هذا يقوله فقط للخلاص من القتال الذى ذكره عليه السلام في الحديث السابق:

    " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا منى دمائهم وأموالهم ... " فقد يقول المسلم: المسلم الذى يشهد بهذه الشهادة فهو مسلم، ولكن المهم أن يؤمن بهذا الكلام الذى يقوله إيمانا خالصا من قلبه. فإذا عرف هذا المعنى الصحيح وصدق بهذا المعنى الصحيح بقلبه ثم قام بكل لوازم هذه الكلمة الطيبة، فهو الذى يحرم الله بدنه على النار،



    في بعض الروايات الأخرى، " من مات وهو يشهد ألا إله إلا الله دخل الجنة " دخول الجنة هنا المعنى ليس كمعنى حرم الله بدنه على النار، لأن المعنى الأول يعنى أنه يدخل الجنة كما يقال اليوم ترانزيت بدون أن يمسه شئ من العذاب، في اللفظ الثانى من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وبين كثير من الأحاديث التى فيها من فعل كذا دخل النار، مثلا: قال عليه الصلاة والسلام: " صنفان من الناس لا تراهما بعد رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مميلاتٌ رؤوسهن كأسنمة البخت لا يدخلن الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة .... "



    أحاديث كثيرة بهذا المعنى لازم أنه لا يدخل الجنة أنه يدخل النار، وهناك أحاديث كثيرة تصرح أنه من فعل كذا دخل النار بل هناك نص في القرآن الكريم،- و هذا قد يكون غريبا - أن كل البشر قاطبة لابد أن يدخلوا النار دخولا يختلفون في هذا الدخول حسب إيمانهم أولا، وحسب أعمالهم الصالحة ثانيا وحسب من كان كافراً بكل ذلك، قال تعالى في الآية الكريمة: "وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا

    وإن منكم معشر الإنس والجن سواءاً كان صالحا أو كان طالحا إلا وهو واردها وهو داخل النار ولكن هذا الدخول كما أشرت آنفا قد لا يقترن معه العذاب لأن الله عز وجل قال:" ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا الظالمون يشمل المسلم الذى جنى على نفسه وجنى على إخوانه كما يشمل من باب أولى الكافر الذى كفر بالله ورسوله.



    وهؤلاء الذين يدخلون إلى النار ينقسمون الى قسمين: بعضهم يخلدون فيها وهم الكفار الذين حرم الله عليهم الجنة بنص القرآن الكريم، أما الذين يخرجون يوما ما من النار فهؤلاء الذين قالوا لا إله إلا الله وقصَّروا في القيام ببعض لوازمها ومقتضياتها من القيام بالفرائض والإبتعاد عن المحرمات، لذلك قال عليه الصلاة والسلام في رواية ثالثة في بيان فضل هذه الكلمة الطيبة، ألا وهى شهادة ألا إله إلا الله، قال عليه الصلاة والسلام:

    " من قال لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهره" أى نجته من الخلود في النار مع الكفار لأنه كان يشهد من قلبه أن لا إله إلا الله ولكنه قصر في القيام في بعض الفرائض أوارتكب بعض الحرمات التى حرمها الله عز وجل أو نبيه عليه الصلاة والسلام.

    إذن من شاء أن يدخل الجنة دون أن يشهد شيئاً من العذاب، فأول شرط لهذا الدخول للجنة دون أن يعذب أن يشهد بهذه الشهادة الطيبة فاهما لها بإيجاز كما قلنا آنفا - لا معبود بحق في الوجود إلا الله ثم يطبقها تطبيقا شاملا، يأتى بما فرض الله وينتهى عما حرم الله فهو يدخل الجنة دون أن يمسه أى شيئ من العذاب، أما من أخل بشيئ من ذلك فسيلقى جزاؤه إلا أن يغفر الله له كما قال الله تعالى في القرآن الكريم:" إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ ........

    والحمد لله رب العالمين



يعمل...
X