إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فوت اضحاك مع يوميات تشتوش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    التشتوشية الثانية والأربعون
    ----------------------------
    في بيتنا ... خادمة !!!
    -------------------------

    وقفتْ بهيكلها الضخم تسدُّ عليَّ منفذ الهواء الوحيد القادم من باب الصالة، وكدْتُ أختنقُ ذعراً لا من احتباس الهواء وحسب، بل من رؤيتي لها بعد شرودٍ ذهنيٍّ ..
    وجلجل صوتُها في قرفٍ: - ما بك ارتعدْتَ؟!
    قلْتُ وأنا أبلع ريقي استعداداً لخوض مباراةٍ فاشلةٍ معها:
    - لا .. لا ... أبداً إنَّه البردُ !!
    نظرتْ لي كعادتِها في شكٍّ ثم أردفتْ:
    - أريدُ خادمة .
    تفرَّسْتُ فيها وقلت: لماذا؟
    حدجتني بنظرةٍ أعرفها معرفةً يقينيةً من أنَّها ستبدأ مسلسل بذاءتها وفحشها فأسرعْتُ قائلاً:
    - أنتِ تعرفين وضعي المادي، فراتبي لا يكفينا أكلاً وشرباً.
    وليتكم ترونها فهي بحجم الفيل فالطعام كله لها، وأنا تحسدنني الغواني لقوامي الهزيل يحسبونه رشاقةً، ولا يعلمون أنَّه سوء تغذية.

    قاطعت أفكاري بنبرةٍ أشد كزؤام الذئب قبل الانقضاض على فريسته:
    - أريدُ خادمة .
    - ولماذا؟
    ¬احمرت عيناها وهي ترميني بشررٍ من عينيها – كأبطال الديجتال لو كنت تشاهدهم مثلها– فأسرعتُ من جديد أقول:
    - أشكرك يا روحي لأنكِ تقدرين تعبي حين أجلي وأكنس وأغسل وأنظف وأرتب... فـلذلك قررتِ أن تحضري خادمة لي، ولكن..
    قاطعتني بزفرةٍ كزفرة القاطرة الداخلة إلى محطة القطار في اللاذقية:
    - أنت َ! الخادمة لك !! لماذا هل انتهتِ الدنيا؟!!!
    قلت بضيقٍ: لماذا الخادمة إذاً؟
    - ليست ماكي أحسن مني.
    هكذا إذاً المسألة غيرة لا أكثر.
    - ولكن !!!
    استدارت وانصرفت معلنةً نهاية الحوار، أي يتوجب عليَّ إحضار الخادمة؟!
    وقبل أن تختفي عن ناظري رغم كون اختفائها مستحيلاً، حتَّى لو وقفت على جبل الأقرع أراها من هنا،قالت لي:
    - أبن البرد في شهر حزيران أيها المأفون!؟
    يا لحدة ذكائها! بعد نصف ساعة أدركت سبب ارتعادي.

    لا لم أغضب ..
    لن أصاب بالضغط والسكري بسببها..
    لقد عرفت علاجها ...
    الصمت أمام رغباتها الحمقاء الهوجاء.


    *********

    - يا بنت يا (تسونامي) هاتي فنجان قهوة.
    تحضره بأدب وتضعه أمامي، وتنصرف كالريم.
    هذه هي الخادمة الفلبينية التي اخترتها من مكتب التوظيف، وهي جميلةٌ ناعمة القوام، ليست كالفدان التي عندي.
    اسمها (ماهينا شوفيهان منتسوناري) وهو اسمٌ موسيقي عذبٌ كما ترون، وآثرتُ تسميتها (تسونامي) ولكنَّها (تسونامي) بنَّاءة ليست كالزالزال الشهير إياه، ففي ثواني تعد طلباتي، وتحيل البيت نعيماً في ساعة، وتطبخ طعاماً يحسدها عليه الشيف رمزي، وتغسل الغسيل بنظافةٍ تغيظ أصحاب المغاسل.
    في الجملة أراحتني كثيراً ولم أعد أعمل أبداً في البيت.
    فكان حضورها راحةً لي ووبالاً على حرمنا المصون.

    في البداية لم تبالِ براحتي، بل صارت تدعو صديقاتها كل يوم ، لتفتخر بوجودها في منزلنا، وبعد مرور شهر لاحظت راحتي.
    ولاحظت أنني صرتُ لا أخرج من المنزل أبداً بعد الدوام، كما تبيَّنتْ أنَّ الخادمة تستلطفني بابتسامةٍ عذبةٍ، بينما تقابلها بوجهٍ مكفهرٍّ كليلةٍ شتويةٍ عاصفةٍ.

    وبدأت المشاكل.
    - لماذا لا تذهب للقهوة؟
    - لم يعد معي نقود بعد جلب الخادمة!
    - لماذا لا تزور أصدقاءك؟
    - زرْ غباً تزددْ حباً.
    - ما شاء الله تحسنت ألفاظك.
    - حرام أن أكون مؤدباً.
    وتعض على أسنانها من الغيظ، فلا غبار على كلامي، ولكنَّها تستشعر بالعاصفة القادمة.

    *********

    انفجرت بي ذات يومٍ: - لم أعد أريد الخادمة.
    قلت في دهشةٍ: - لماذا لقد جننتِ لنحضرها؟
    زأرت: هكذا لم أعد أريدها؟
    - ولكن هاتي سبباً مقنعاً، فأموالنا ليست هدراً لنرميها في البحر.
    قالت لي: - بدون سبب، لا أريدها يعني لا أريدها!!
    قلت متضايقاً : - كما تشائين.
    وناديتُ الخادمة: - تسونامي.
    جاءت كالنسيم من المطبخ: - نعم بابا!
    - إنتَ يجمع ثياب.
    - نحنا في سفر.
    - إنتَ لازم يروح بلد.
    بكت وقالت: - أنا يعمل شي غلط.
    تقطع قلبي لها وقلت بحزنٍ: ماما ما يريد إنتَ معنا.
    نظرت لها نظرة بمعنى (الله يخرب بيت ماما) وأتبعها بنظرة ضراعة نقول (آمين)


    *********

    كانت تمخط بردائها وتبكي على صدر – بل على ساحة الملعب – البلدوزر:
    - الخائن .. يهجرني لأجل خادمة !!
    - الرجال كلهم عيونهم فارغة، نفسي أعرف ماذا أعجبها في هذا الجردون شبيه القرد؟! والله (الشلمونة) أجمل منه.
    - لا تأتي بسيرته يا مامي -لاحظوا الفدان والجاموسة كيف يتخاطبان- أمامي.
    - كيف عرفْتِ أنَّه هاجر معها؟
    ناولتها رسالة مني أرسلتها بالبريد:

    (حرمنا المصون:
    على سنة الله تعالى ورسوله تزوجْتُ من (تسونامي) فهي امرأةٌ تقدرني، وتحترمني، ولو شئتِ البقاء في عصمتي فلا مانع عندي).


    مزقت الرسالة وهي تقول:
    - الوغد .. ابن السحلية.. الطلاق الطلاق يا انتي، فنحن نأبى الضيم، ونغيث الملهوف.
    قاطعتها أم أربعة وأربعين:
    - يكفي يا أمي .. هل ستخطبين بي خطبةً عصماء، هل تظنين نفسكِ في مسلسلٍ تاريخيٍّ؟!


    *********

    دق جرس الهاتف في منزلي، فبادرت البلدوزر تحمل السماعة، وقالت بصوتها الفظ الغليظ:
    - ألووووو.
    أجابها الطرف الآخر- إنتَا مين؟
    لعب الفأر في عبها - من يتكلم؟
    - أنا يبغي وحدة كويس تشتغل خدامة مال أنا.
    غلا الدم في رأس البلدوزر وصاحت بنهقةٍ كبرى: - من أنتِ؟
    قالت : - أنا تسونامي مدام أبو سعيد الجديد!!!




    تعليق


    • #47
      التشتوشية الثالثة والأربعون :
      على الكورنيش




      ارتفع صوتها الصابري مجفلاً الأموات قبل الأحياء :
      - أبا سعيد !!! أبا سعيد !!!
      فهرولْتُ مذعوراً كعادتي خائفاً من أن يكون صوتها سبباً لتسجيل غرامةٍ من الشرطة علينا نظير إزعاج الجيران...
      - خيراً ... خيراً !!
      نظرتْ لي باشمئزازٍ كعادتها حين تراني بثياب الغسيل - مع أنني أريحها من عملها - وقالت لي :
      - مئة مرة قلت لك يا بني آدم أن تلبس ثوباً نظيفاً حين تأتي إليََّ !!
      قلت لها : - ولكنَّني في المطبخ أغسل الغسيل حين ناديتني فلم أجد وقتاً لتبديل ثيابي !!
      قالت : - ما علينا ، استعدَّ لتأخذني في نزهةٍ على الكورنيش !
      قلتُ لها : ولماذا؟
      زأرت : - ألا يحق لي الاستمتاع كبقية خلق الله ؟!

      **********


      ذهبنا إلى الكورنيش الجنوبي في سيارتنا التي بدأت بمرحلة التحول إلى مدافن السيارات بسبب تحطمها من شنيع وزنها !!

      ولم نجد مكاناً لأن الكورنيش قد تحول لأعمال حفريات من أوله لآخره لإقامة مطاعم وغير ذلك، مما تعجز ميزانيتي عن دخولها مستقبلاً، فزفرت بضيقٍ وقالت:
      - ما هذا الحظ النحس؟
      قلتُ لها : - حياتي كلها نحسٌ في نحسٍ !!

      فاستدارت بهيكلها الضخم حتَّى أوشك المقعد أن يتحطم وقالت:
      - نعم ... نعم ... ماذا تقصد؟

      استدركْتُ قائلاً : - قبل أن أتزوجكِ يا روحي !!
      وأنا أتساءل في سري هل روحي بهذا الحجم الضخم؟


      ************

      ومن حسن الحظ - أو سوء حظي - وجدنا مقهىً على الشارع العام مقابل المعهد الرياضي، فنزلنا.

      ولأن مقاعده من البلاستيك، انهار المقعد تحت وزنها الشنيع، وسط ضحكات الموجودين وأنا أولهم، فرمقتني بنظرةٍ ناريةٍ وصاحت كعواء المذؤوب في الليالي المقمرة:
      - قل للوغد صاحب المقهى أن يحضر كرسياَ متيناً؟
      وحضر الوغد - عفواً صاحب المقهى - يعتذر في خجلٍ عن سوء مقاعده، ولم يعلم أنَّ وزنها الثقيل هو السبب، واستبدله بكرسيٍّ بلاستيكيٍّ آخر لم يكن أحسن حظاً من سابقه!!

      وأخيراً اقترح أحد الموجودين وضع أربع كراسٍ فوق بعضها ليتحمل ثقلها، وكانت فكرةً صائبةً، ولكن تخيلوا منظرها وهي مرتفعةٌ عن الأرض كأنَّها أبو الهول في جلوسه!!

      وكل من حولنا يختلس لها نظراتٍ ضاحكةً !!
      ولأنها لا تقدر عليهم فكانت توجه لي السباب بسببٍ وبدون سبب.


      ***********

      ولأنًّها متحذلقةٌ -كعادتها- طلبت شراباً من نوع (بليس آي ونت درينك حريب فروت) وكأنَّها لا تعرف أن تطلب بالعربية (من فضلك عصير برتقال مثلاً)، وكان الجرسون يدلي فمه مبهوتاً من كلامها، حتَّى ترجمته له..
      وطلبت أركيلة أسوةً بالآخرين..
      ولأنَّها أحمق من هبنقة - عند العرب - فقد شدت المربيج - خرطوم الأركيلة - لتقع أرضاً وتتحطم - الأركيلة لا أم سعيد - !!
      وكالعادة تصب لومها وتقريعها على رأسي ولا أدري لماذا؟

      وقام الجرسون بتيديل الأركيلة لها، ولأنَّها كما قلت حمقاء طلبت (تنبك عجمي)، وطيلة سهرتنا لم يشتعل معها بل كان وجهها يحمرُّ من شدة سحْب النَّفس دون فائدةٍ!!

      فغضبت وقامت بعد نصف ساعةٍ تشتم الجرسون والمقهى والناس وأنا!!
      وكانت الكارثة بالحساب (ألف ليرة) عداً ونقداً..
      فصحتُ مندهشاً: - لماذا؟
      قال الجرسون: - احمد ربك يا أستاذ لم نطلب أكثر فلقد قامت المدام بتحطيم كرسيين وأركيلة!!
      ودفعتها مكرهاً صاغراً ..
      وأعلنت توبتها عن حضور المقاهي (الفولكير) على حسب تعبيرها -والذي لم أفهمه فهل فهمتوه؟!- مرةً أخرى..


      **************

      جاء الجرسون في مطعم بيوتي ليقول لي :
      - حسابك يا أستاذ 4000 ليرة.
      قلت منزعجاً: لماذا؟
      قال: - ثمن المائدة المفتوحة لحرمكم.
      استأذنته في الذهاب للحمَّام بسبب مغصٍّ انتابني فجأةً..

      ***********


      هل خمَّنتم ما جرى؟
      نعم ذهبْتُ للحمَّام ولكنه حمَّام منزلي!
      وماتزال أم سعيد مفقودةً
      فلو ذهبتم إلى بيوتي ورأيتموها فسلموا عليها من قِبلي
      !!!!!



      تعليق


      • #48
        التشوشية الرابعة والأربعون:

        أم كامل

        ====



        صارتْ بسلامتها من معتادي زيارة مقام المغربي في القلعة!!
        هل كان ذلك زيادةً في دينِها أم لهدفٍ آخر؟
        دعونا نعدْ إلى البداية.

        ---------

        عمَّ السلام بيتنا، وبدأتْ هدنةٌ غيْرُ معلنةٍ في أرجاء دارنا، ورمى العدو – هي - كل أسلحة الدمار الشامل وغيرها، وصارتْ تتابع التلفاز بشغفٍ.
        ولأنني أعلم أن مستوى ثقافتها لم يتجاوز السادس الابتدائي فقد توقعْتُ أن اهتماماتها ستنصبُّ في مسلسلات الأطفال وقنواتِهم، وبالفعل كانت تتابع قناةً جديدةً اسمها (كراميش)، ولا أدري لماذا تُصرُّ على تسميتها (خراميش)!!
        وتحولت حياتي إلى الهدوء النسبي، ولكنَّكم صرتُمْ تعلمون أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة.
        صرْتُ أرى دموعها تغرغر في عينيها بشكلٍ دائمٍ، ولعلمكم ليس هذا نوعاً من الحنان أو الحب لو توهمتم فيها هذا، لأنَّكم لن تروا للغول ذرةَ حنانٍ.
        لماذا تبكي إذن؟
        وتجرأْتُ مرةً وسألتها هذا السؤال، فالتفتتْ دامعة الطرف تغصُّ بريقها وتقول:
        - الأولاد يا أبا سعيد؟!
        قلتُ لها : أي أولادٍ؟
        قالتْ: كنْتُ أتمنَّى لو كان عندنا ولو طفلٌ صغيرٌ.
        من يتابع يومياتنا وحياتنا يُدرك أنَّه ليس عندنا أولاد، وأنَّى لهم أن يعيشوا مع هذه المتوحشة؟!
        ويدرك أكثر أنَّها السبب في عدم الإنجاب لا أنا، وإلا لقلبتْ حياتي جحيماً إلى يوم الدينونة!

        -------------

        ماكي : - لماذا لا تذهبين إلى قبر المغربي؟
        أم سعيد : - لماذا؟
        ماكي : - تدعين عنده لعل الله يرزقك الولد.
        نظرتْ لها مُطولاً.

        -----------
        وهكذا ترونها واظبت الصعود يومياً على درج القلعة للوصول إلى مقام المغربي، وتدعو عنده دون فائدةٍ تُذكرُ، سِوى خسارتها لبعض الكيلوغرامات المتراكمة على جسدها الفيلي بسبب المشقة الهائلة في ارتقاء السُّلَّم.
        إلى هنا والأمر طبيعيٌّ، وكنْتُ أدرك أن لا فائدة من زياراتها المتكررة لأنَّ الأمر بيد الله وحده، وهو يهب الأولاد لمن يشاءُ، ولكن من يقنع هذه العقول؟!
        رحمكِ الله يا أمي كنتِ تقولين دائماً:
        "أصحاب العقول في راحة".

        المهم أنَّ غير الطبيعي ما حدث بعد ذلك.

        -------

        التقطتْها إحدى العجائز اللواتي يراقبْن النساء البلهاوات اللواتي يواظبْن الحضور إلى مقام المغربي، وكانت تُدعى أم كامل البصَّارة، وتقربت إليها بودٍّ وحبٍّ مُفتعليْنِ، وسرعان ما فهمت القصة وأخبرتها أنَّ الحل عندها لو أرادتْ، وأعطتْها عنوان بيتِها لتزورها فيه، ونصحتْها بعدم إبلاغ أحدٍ كي ينجح (العمل)، وبالطبع لم تردْ أم كامل هذه أن أدريَ بِها وإلاَّ لخربْتُ عليها مقصدها.
        ------

        وواظبتِ الحضور عند أم كامل البصَّارة، والتي استنزفت مالها، وكانت لغبائها – حرمنا لا أم كامل – تُصدق كل شيءٍ تقول لها، من قبيل:
        - شمهورش عاملكِ عمل، والعمل لا يُفكُّ إلاَّ بأن يشربَ زوجكِ من هذه التميمة، تغلينها في إبريق الشاي وتسقينها له.
        وشمهورش يحتاج نقوداً، وهو طمَّاع لا يرضى بغير الآلاف!!
        وأتفاجأ بِها – ربَّما لأول مرة في حياتها – تأتيني بكأس الشاي،
        وأشرب الشاي والشكُّ يراودني، فعلى وجهها علامات المكر، وبتُّ أخشى أنَّها دسَّتِ السُّمَّ لي، ولو وجدْتُ الشجاعةَ وقلْتُ:
        - طعم الشاي مرٌّ.
        - فمك المرُّ لا الشاي.
        - لماذا لا تشربين معي؟!
        - (ترتبك) الشاي يصيبني بالأرق.
        وأنظر لجسمها البدين، وأتساءل في نفسي (وهل يُصاب مثلها بالأرق؟!).
        وتفشل الخطة الأولى وتعود لأم كامل فتقول:
        - عمل شمهورش هذه المرة قوي..
        ومزيداً من الفلوس تنهبها منها، وتبدأ وصفة كاذبة أخرى مع القهوة.
        وهكذا!!
        خططٌ لا آخر لها، ونقودٌ تُصرفُ، لم أعلم بِها لأنَّها كانت تبيع من ذهبِها الذي اشتريتُها لها أيام الخطبة!

        --------

        طبعاً دخول الحمَّام ليس كخروجه، واللعب بالنار نهايته الحريق!
        وبطريقةٍ أو بأخرى علمت الشرطة بأم كامل، وقاموا بمداهمتها فجأةً، وقبضوا على من كان هناك ومنهم الحمقاء حرمنا!!
        وبدأ التحقيق معهم ...

        --------

        للمرة المليون وراء القضبان ترونني مرمياً.
        اقترب منِّي أحد السجناء القُدامى والذي كان مشوه الوجه من كثرة الخناجر التي ضُرب بِها.
        - ماذا أتى بك (للقاووش) يا ولد!
        - حرمنا.
        - ماذا فعلتْ؟
        - اتهمتني أنني أرسلها لأم كامل البصَّارة!
        - لماذا؟
        - لتنجب حرمنا ولداً!
        ضحك ضحكةً خشنةً وقال:
        - صحيح أصحاب العقول في راحة.



        تعليق


        • #49
          التشتوشية الخامسة والأربعون
          خدمة إلزامية
          *****************



          - انتباه!
          وقف جميع العساكر مستعدين إلا أنا .
          جاء الضابط وصاح بي : - اليوم تقضي ليلتك في السجن.
          انفجرت دمعة الغيظ في عيني: لماذا؟
          صاح بصوت أعلى: لا ترد يا مجند ، شهر في الدورة التدريبية ولا تعرف كيف الوقوف الصحيح؟!


          ----------------------

          تعلمون أنَّني الطرف الخاسر في كل شيءٍ.
          هل سبب ذلك شخصيتي المضطربة؟!
          أمْ هي أمُّ سعيد التي سلبتني حريتي وآرائي؟!
          أم الخطأ في تربية أمي وأبي؟!
          لا أعلم
          كل ما أعلمه أنَّ الكل يستصغرني ويستحقر أمري أينما كنْتُ.


          ----------------------

          بدأ الأمر من الوسواسات الخنَّاسات صديقاتِها بمناسبة العيد.
          ماكي: اشتريْتُ اليوم عقدَ ذهب بمناسبة العيد.
          فوفو: وأنا إسورةٌ من الألماس.
          ناغي: وأنا خاتم بزمردة كبيرة.
          ماكي: وانت يا أم سعيد.
          أم سعيد: من الخطبة لم يشترِ لي أبو سعيد شيئاً.
          ناغي: هذا غير معقول .
          فوفو: - ولماذا تسكتين له؟
          وظل وسواسهنَّ يزن على رأسها ..

          ----------------------

          - أبا سعيد .
          - (وأنا أقرأ) هممممم.
          - أريد هديةً من ذهبٍ.
          - (وضعت الجريدة جانباً وقد بدأت أشعر ببوادر العاصفة) : لماذا؟
          - لماذا (لماذا؟).
          - ما السبب أقصد؟
          - العيد!
          - مرت أعياد كثيرة ولم تطلبي لماذا هذا العيد؟
          - أريد أن أغيظ صديقاتي.
          - هكذا إذن! من أين لي بالمال؟
          - دبِّرْ حالك!
          وانصرفت .


          ----------------------

          تعلمون أنَّ العبد لله مقطوعٌ من شجرة، كل أصدقائي بعد إخوتي تخلوا عني بعد أفعال حرمنا الشنيعة معهم، ولذا ترون كل الأبواب أُوصدت في وجهي، وعدْتُ إلى أبي الهول - حرمنا - بخفي حنين..
          ولكنها لم تصدق أنني سعيْتُ بل قالت :
          - عليَّ الطلاق أنَّك كذاب.
          - بل فعلتْ.
          - ابذل جهداً أكثر.
          وعاودْتُ الكرَّةَ فاستقبلوني بالتهديد والوعيد.


          ----------------------

          اجتمعت الوسواسات الخنَّاسات في دارنا.
          ماكي: هل اشتريْتِ ذهباً.
          أم سعيد: لا.
          فوفو: لماذا؟
          أم سعيد : لم يجد مالاً.
          ناغي: هؤلاء الرجال كاذبون فلا تصدقيهم.
          ماكي: زعم زوجي أنْ ليس معه نقودٌ فبكيْتُ كثيراً حتَّى اشترى لي العقد.
          أم سعيد: إذا بكيْتُ يُسعد أبو سعيد.
          ناغي: دبِّري له مكيدةً.
          أم سعيد: مثلاً.
          فوفو: - الآن يجمعون الاحتياط لتدريبهم في الجيش، فبلِّغي عنه.

          ----------------------

          دُقَّ جرس الباب، وحين فتحته وجدْتُ شرطياً.
          الشرطي: - حضرتك السيد فرحان سرور سعيد المعروف بأبي سعيد.
          قلْتُ وجلاً: بعينه.
          - راجع شعبة التجنيد غداً.
          - ليس عندي أولاد ليذهبوا العسكرية.
          - المطلوب أنت ، وهذا التبليغ.
          تناولته غير مصدق وبعدما قرأته قلت له:
          - يا سيدي أنت غلطان فعمري خمسون عاماً و ......
          قاطعني : ما عليَّ إلا الإبلاغ، راجع شعبة التجنيد.

          ----------------------

          الضابط: أنت لم تخدم الخدمة الإلزامية.
          أنا : والله يا سيدي خدمتها في عام 1976.
          - لم يُقيد عندنا أنك خدمتها.
          - الله وكيلك أربع سنين.
          - أين دفتر التجنيد الخاص بك؟
          - بحثت عنه كثيراً ولم أجده.
          - إذاً ستؤدي الخدمة الإلزامية.
          - ولكن عمري خمسين.
          - باقي لك شهرين لتبلغ الخمسين، والقانون لا يستثنيك.

          ----------------------


          وهكذا تروني بجسمي المترهل بين الشبان أركض فتسبقني السلحفاة.
          وألهث لو مشيت عشر خطوات.
          وابتليْتُ بضابطٍ لم يقدرْ وضعي.
          بل زاد عذابي وأتعبني.

          ----------------------

          - قم وصب الشاي يا ولد.
          - عمري خمسون عاماً وتقول لي : ولد.
          - أنت أصغر واحد فينا.
          أقوم مقهوراً لصب الشاي.
          حين ينادي الحارس المسؤول عن السجن:
          - أبو سعيد فرحان سرور سعيدزيارة.
          وطبعاً كان الزائر أخي الذي أشفق عليَّ، طبعاً علمتم أنني فررتُ من الجيش فلم أطق عذاب التدريب، وحكم علي بالسجن تسعة شهور، مع الإعفاء من الخدمة الإلزامية لبلوغي الخمسين!!
          حين عدت قال زعيم القاووش:
          - اسمك يا ولد فرحان سرور سعيد.
          - نعم.
          ضحك ضحكةً خشنةً وقال:
          - كل هذه التعاسة التي تجري لك واسمك فرحان، ماذا تركت للسعداء!!
          نظرْتُ له طويلاً
          وأجهشْتُ بالبكاء!!



          تعليق


          • #50
            التشتوشية السادسة والأربعون
            **************

            مواقف تشتوشية
            ********


            يقول أبو سعيد :
            اتصل بي وقال لي :
            الله يستر على عرضك يا أبا سعيد...
            والبكاء يغالبه ..
            فخشيت أن هناك وفاة لحقت بأهله
            فقلت جزعاً : خيراً.
            قال لي : سوسو !!
            قلْتُ له : رحمها الله !!
            فصرخ بي : فأل الله ولا فالك ..


            قلت بصبرٍ نافدٍ : ماذا بها ؟
            قال متكدراً : أغلقتِ الهاتف في وجهي !!!!


            فقلت له : لأ (ما بيصير هيك) الحرب العالمية الثالثة أهون من فعلة سوسو الشنيعة !!!

            =============

            ذهب أبو سعيد إلى محل الشاورما وقال له:
            - أريد سندويتشي شاورما..
            وهو ينتظر وجده صاحبه يوسف:
            - أبو سعيد ماذا تفعل هنا؟!
            قال أبو سعيد متضايقاً : - أشتري دفتراً وقلماً!!
            قال له يوسف: - معقول تشتري من هنا دفتراً وقلماً وهذه ليست مكتبة!
            قال أبو سعيد: - يعني أقف عند محل الشاورما وتسألني ماذا أفعل هنا؟ بالتأكيد سأشتري شاورما؟
            قال له يوسف : - أعرف .. أرعف.. لكن أنت لا تحب الشاورما.


            قال أبو سعيد : - ليست لي بل لأم سعيد!!
            قال له يوسف: لماذا سندويتشين وكل واحدة كبيرة جداً؟
            فأجاب أبو سعيد : واحدة لها وواحدة لصديقتها ماكي !!


            =============

            والمرة الوحيدة التي هلَّل فيها أبو سعيد لأم سعيد هذا اليوم المشهود، ولكنها لم تكن من دون خسائر من جانبه.

            عندما كانا يمشيان بشارع بغداد عندما تعرض لهما أحد الشباب (الزعران) وعلى كم جملة من نمط (شو يا حلو) و (عبرنا يا قمر) وفرحت أم سعيد وصارت تتقافز كالفيــ... عفواً كالغزال فتزلزل الأرض السابعة تحت قدميها.
            فغلا الدم في عروق أبي سعيد فوقف في منتصف الشارع وصاح :
            - يا بايخ إما أن تذهبَ من هنا وإما سأريك ما لا يرضيك !!
            فضحك الأزعر وقال : - وماذا ستفعل؟
            فقال أبو سعيد : أحضر لك الشرطة.
            فانفجر الأزعر في الضحك وقال وهو يقترب منه:
            - سأضربك كفين كي تتعلم كيف تتكلم معي؟!
            خاف أبو سعيد فوقف وراء أم سعيد والتِي دبت بها الحمية فصاحت كعنترة في ساحة المعركة، ورمته بيدها على وجهه فأصايتهما معاً الأزعر وأبو سعيد، وولى الأزعر هارباً، وهي تقول:
            - يا ويلك أيها الجبان!!
            وكان أبو سعيد على الأرض يتألم من هول لطمتها ويقول لها :
            - يا هكذا الرجال ... وإلا فلا!!!



            تعليق


            • #51
              التشتوشية السابعة والأربعون
              **************


              تفسير الأحلام
              ********

              أكتبُ لكم حكايتي القصيرة من بيت صديقي يوسف، فقد طردتنِي الحيزبون بنت البلدوزر من بيتي، والسبب، اسمعوا:

              استيقظت الغول بشعرها المنكوش شبيه ليف الجلي ذات يوم وهي تقول:
              - سع سع (تدليل اسمي ولا أعرف كيف اخترعته) حبيبي.
              - (وأنا نائم) ماذا هناك؟

              - اليوم عيد الحب.
              - (تثاءبت ثم ارتعبت من منظرها) بسم الله .. سلام قولاً من رب رحيم...

              - ماذا بك؟ هل رأيت شبحاً؟
              - (على مضض) لا .. لا كابوس في منامي..
              - (بفرح) وأنا حلمت مثلك.
              - بكابوس أيضاً.
              - لأ ... بعيد الحب..
              - عيد الكلب!!
              - عيد الحب يا بني آدم..بحياتك لن تصبح بشراً مثل الآخرين.
              - وماذا حلمتِ؟
              - حلمت بأنك أهديتني قلادة ذهبية مرصعة بالماس ...
              - يا ستار يا رزاق... مليون مرة قلت لك : لا تتعشي فالكوابيس تهاجمكِ.

              - ولكني لم أتعش، يعني لن تشتري لي شيئاً.
              تذكرت منظرها وهي تحارب الطعام كأنَّها هولاكو الذي يجتاح ديار العرب، على الأقل هولاكو أبقى البعض أحياءً، ولكنها لم تبقي ولم تذر شيئاً لي من الطعام، حتَّى الصحون أوشكت على أكلها لولا أنني قمت بسحبها من أمامها...
              - (أفكر) ممممممممم.
              - حسناً ما معنى هذا الحلم؟
              - بالتأكيد في المساء سوف تعرفين يا سنفورة..

              - سنفورة!!
              - طبعاً حياتنا كلها كالسنافر.
              - (بلؤم) قم من هنا يا شرشبيل واذهب لعملك.

              وعندما أتى المساء وجدت أم سعيد جالسةً تنتظرني، وكنت أحمل علبة أنيقة وأعطيتها لها بمناسبة عيد الحب ،،،بعدما هجمت كالوحش الكاسر نحو العلبة.
              وعندما فتحتها بشغف ، هربت للحمام، وزأرت حين وجدت كتاباً مكتوباً عليه:
              ( تفسير الأحلام )


              والآن عن إذنكم سأقوم بجلي الصحون عند يوسف قبل عودته للبيت.




              تعليق


              • #52
                التشتوشية الثامنة والأربعون


                **************

                انتحار أم سعيد

                ********

                نعم يا إخوتي لا تكذبوا عيونكم، فالعنوان صحيحٌ وأم سعيد انتحرتْ، وحدث هذا الخبر السعيد - وأظنكم تشاطرونني الرأي والسعادة - والذي يجب أن يبدأ التاريخ المعاصر بهِ منذ فترةٍ قريبةٍ، ولكن.........

                قبل ذلكَ دعونا نتابع الأحداث من أولها.

                ------------

                كالعادة في جدالنا البيزنطي لا أنا أرضى برأيها لأنه غير منطقيٍ ودائماً منحازةٌ لنفسها ولأمها (أم لهب).
                ولا هي ترضى برأيي لأنها تعتبرني دائماً ضدها وعلى النقيض منها، بل الأدهى من ذلك تجعلني دائماً في مصاف العدو.


                قررت بسلامتها - بعدما متابعة الأخبار في قناة الجزيرة ذكروني أن أرفع دعوى عليهم فهي سبب مصائبي في الآونة الأخيرة- أن تخرج في رحلةٍ مع قافلة العزة لنصر غزة والتي كما يعلم المتابعون ألقت رحالها في اللاذقية لتنتقل طيراناً إلى العريش ثُمَّ غزة.
                ولأنني مع الإنسانية بجميع حالاتِها أشفقت على إخوتنا المحاصرين المعانين هناك من سوء الظروف الإنسانية والصحية والغذائية السيئة من أن يتمتعوا بالنظر إلى وجهها الذي يَجبُ أن يُصنفَ ضمن الأسلحة المحرمة دولياً، وجادلتها.


                قلتُ: يا بنت الحلال دعيكِ من هذا الموضوع، فلن يسمحوا لكِ بالذهاب معهم.

                أم سعيد: (تصرخ وهي أصلاً بصوتها الطببيعي تصرخ) أنت دائماً ضد البشرية والإنسانية.

                قلتُ: بالعكس موقفي في منعكِ من الذهاب إنساني بِحدِّ ذاتهِ.

                وتابعتْ صراخها، فقمتُ للمطبخِ أجهز العشاء، وصمتت وكأنَّ حبالها الصوتية انقطعتْ.

                وعلى طاولة العشاء بعد نصف ساعةٍ.

                قالتْ: - ماذا تقصد بقولك: (منعكِ من الذهاب إنساني بِحدِّ ذاتهِ.)؟

                ابتلعتُ لقمة الشنكليش بغصةٍ وقلتُ متلعثماً: أقصد ... بقاؤكِ هنا ومشاركتكِ الوجدانية إنسانيةٌ.

                =========

                وفي اليوم التالي احتدم النقاش بيننا وانفلت عيارها وصارت تسبني جهاراً ووقاحةً، ولم أتردد في ردِّ الصاعِ صاعينِ.

                وصار الأمر كالتالي:

                هيَ: واللهِ لأخرب بيتك.

                أنا: وهل بقي شيءٌ فيهِ لم يخربْ بعدُ؟

                هي : سأجمع عليك الناس وأجعلك فرجةً لهم.

                أنا: الناس تعرف شركِ وتعرف ابتلائي بكِ، ولوِ اجتمعوا فسيقفون معي.

                هي : هكذا.

                أنا: طبعاً فأنتِ السبب في كل مصائبي.

                هيَ: أيها الوغد ... سأرمي نفسي من النافذة وسيحسبون أنك ألقيتني.

                تعلمون أنَّ بيتنا طابق أول فني.

                أنا: ومن يحسب أنني النحيل الضعيف يستطيعُ أن يحمل فيلاً مثلكِ.

                ولكن الفكرة راقت لي ، ولعلها بذلك ترحيني من همي.

                أنا:لنصعد إلى السطح!

                هي: لماذا؟

                أنا: لنتابع نقاشنا في الهواء الطلقِ!!

                وللعجب استجابتْ لي وصعدتْ للسطحِ معي.

                -------------

                جاء في جريدة الوحدة في اليوم التالي - صفحة الحوادث:

                (توفيتِ امرأةٌ في أواسط عمرها في حي "...." وذلكَ إثر حادثة انتحارٍ أو رميٍ من الأعلى...

                وحدثتْ الوفاةُ البشعةُ عندما رمتِ المدعوة أم سعيد نفسها من سطح بنايةٍ من تسعِ طوابق، الأمر الذي تسبب بوفاةِ امرأةٍ أخرى كانت مارةً صدفةً من تَحت البناية لسقوط المدعوةِ أم سعيد عليها.


                وقد حضر لمعاينة المكان والجريمة العقيد فلان و.............

                ووجدنا زوج المرأة - أبو سعيد - حاضراً وحين وسألناهُ عن رأيهِ في الحادثةِ، فقال جملةً واحدةً غريبةً:

                - حظي الأسود!!!!

                +++++++++++++



                تعليق


                • #53
                  يعني ما ماتت ام سعيد وظلت كابسة على صدرو لها التشتوش المسكين

                  يا ريت الاستاز الكاتب اللادئاني سامر خالد منى يقترح ها التشتوشيات عالتلفزيون ليخرجولنا ياه احلى مسلسل


                  وين التعليقات يا جماعة؟؟



                  تعليق


                  • #54
                    الله يعطيكي العافية
                    علي هذا الجهد الشيق

                    تعليق

                    يعمل...
                    X