إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شاعر المقاومة الفلسطينية: محمود درويش (جميع قصائده )متجدد.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #76
    اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

    تعليق


    • #77
      لاعب النرد
      محمود درويش - فلسطين
      مَنْ أَنا لأقول لكمْ
      ما أَقولُ لكمْ ؟
      وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُ
      فأصبح وجهاً
      ولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُ
      فأصبح نايًا ...
      أَنا لاعب النَرْدِ ،
      أَربح حيناً وأَخسر حيناً
      أَنا مثلكمْ
      أَو أَقلُّ قليلاً ...
      وُلدتُ إلي جانب البئرِ
      والشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْ
      وُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْ
      وسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةً
      وانتميتُ إلى عائلةْ
      مصادفَةً ،
      ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْ
      وأَمراضَها :
      أَولاً - خَلَلاً في شرايينها
      وضغطَ دمٍ مرتفعْ
      ثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِ
      والجدَّةِ - الشجرةْ
      ثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزا
      بفنجان بابونج ٍ ساخن ٍ
      رابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرة
      خامساً - مللاً في ليالي الشتاءْ
      سادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ ...
      ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ
      كانت مصادفةً أَن أكونْ
      ذَكَراً ...
      ومصادفةً أَن أَرى قمراً
      شاحباً مثلَ ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات
      ولم أَجتهدْ
      كي أَجدْ
      شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !
      كان يمكن أن لا أكونْ
      كان يمكن أن لا يكون أَبي
      قد تزوَّج أُمي مصادفةً
      أَو أكونْ
      مثل أُختي التي صرخت ثم ماتت
      ولم تنتبه
      إلى أَنها وُلدت ساعةً واحدَة
      ولم تعرفِ الوالدَة ...
      أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَ
      قبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ /
      كانت مصادفة أَن أكون
      أنا الحيّ في حادث الباصِ
      حيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّة ْ
      لأني نسيتُ الوجود وأَحواله
      عندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّ
      تَقمَّصْتُ دور المؤلف فيها
      ودورَ الحبيب - الضحيَّة
      فكنتُ شهيدَ الهوى في الروايةِ
      والحيَّ في حادث السيرِ /
      لا دورَ لي في المزاح مع البحرِ
      لكنني وَلَدٌ طائشٌ
      من هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍ
      ينادي : تعال إليّْ !
      ولا دورَ لي في النجاة من البحرِ
      أَنْقَذَني نورسٌ آدميٌّ
      رأى الموج يصطادني ويشلُّ يديّْ
      كان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباً
      بجنِّ المُعَلَّقة الجاهليّةِ
      لو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةً
      لا تطلُّ على البحرِ
      لو أَن دوريّةَ الجيش لم ترَ نارَ القِرى
      تخبز الليلَ
      لو أَن خمسةَ عشرَ شهيداً
      أَعادوا بناء المتاريسِ
      لو أَن ذاك المكانَ الزراعيَّ لم ينكسرْ
      رُبَّما صرتُ زيتونةً
      أو مُعلّمَ جغرافيا
      أو خبيراً بمملكة النمل
      أو حارساً للصّدى !
      مَنْ أنا لأقولَ لكم
      ما أقولُ لك

      اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

      تعليق


      • #78
        عند باب الكنيسةْ
        ولستُ سوى رميةِ النرد
        ما بين مُفْتَرِس ٍ وفريسةْ
        ربحت مزيداً من الصحو
        لا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْ
        بل لكي أَشهد المجزرةْ

        نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّ
        وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ
        وخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبي
        وخفتُ على زَمَن ٍ من زجاجْ
        وخفتُ على قطتي وعلى أَرنبي
        وعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ
        وخفت على عِنَبِ الداليةْ
        يتدلّي كأثداء كلبتنا ...
        ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِ
        حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عمّا أُريدُ
        من الغد - لا وقت للغد -
        أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ / أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أُسرعُ / أُبطئ / أهوي / أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أرى / لا أرى / أتعثَّرُ / أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ / أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسى / أرى / لا أرى / أتذكَّرُ / أَسمعُ / أُبصرُ / أهذي / أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أُجنّ / أَضلّ / أقِلُّ / وأكثُرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أُدْمَى / ويغمى عليّْ /
        ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك
        مُصَادفةً ، أو هروباً من الجيش ِ /
        لا دور لي في حياتي
        سوى أَنني ،
        عندما عَلّمتني تراتيلها ،
        قلتُ : هل من مزيد ؟
        وأَوقدتُ قنديلها
        ثم حاولتُ تعديلها ...
        كان يمكن أن لا أكون سُنُونُوَّةً
        لو أرادت لِيَ الريحُ ذلك ،
        والريح حظُّ المسافرِ ...
        شمْألتُ ، شرَّقتُ ، غَرَّبتُ
        أما الجنوب فكان قصياً عصيّاً عليّ
        لأنّ الجنوب بلادي
        فصرتُ مجاز سُنُونُوَّةٍ لأحلِّق فوق حطامي
        ربيعاً خريفاً ..
        أُعمِّدُ ريشي بغيم البحيرةِ
        ثم أُطيل سلامي
        على الناصريِّ الذي لا يموتُ
        لأن به نَفَسَ الله
        والله حظُّ النبيّ ...
        ومن حسن حظّيَ أَنيَ جارُ الأُلوهةِ ...
        من سوء حظّيَ أَن الصليب
        هو السُلَّمُ الأزليُّ إلى غدنا !
        مَنْ أَنا لأقولَ لكم
        ما أقولُ لكم ،
        مَنْ أنا ؟
        كان يمكن أن لا يحالفني الوحيُ
        والوحي حظُّ الوحيدين
        إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ
        على رُقْعَةٍ من ظلامْ
        تشعُّ ، وقد لا تشعُّ
        فيهوي الكلامْ
        كريش على الرملِ /
        لا دَوْرَ لي في القصيدة
        غيرُ امتثالي لإيقاعها :
        حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً
        وحَدْساً يُنَزِّلُ معنىً
        وغيبوبة في صدى الكلمات
        وصورة نفسي التي انتقلت
        من أَنايَ إلى غيرها
        واعتمادي على نَفَسِي
        وحنيني إلى النبعِ /
        لا دور لي في القصيدة إلاَّ
        إذا انقطع الوحيُ
        والوحيُ حظُّ المهارة إذ تجتهدْ
        كان يمكن ألاَّ أُحبّ الفتاة التي
        سألتني : كمِ الساعةُ الآنَ ؟
        لو لم أَكن في طريقي إلى السينما ...
        كان يمكن ألاَّ تكون خلاسيّةً مثلما
        هي ، أو خاطراً غامقاً مبهما ...
        هكذا تولد الكلماتُ . أُدرِّبُ قلبي
        على الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ ...
        صوفيَّةٌ مفرداتي . وحسِّيَّةٌ رغباتي
        ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلاَّ
        إذا التقتِ الإثنتان ِ :
        أَنا ، وأَنا الأنثويَّةُ
        يا حُبّ ! ما أَنت ؟ كم أنتَ أنتَ
        ولا أنتَ . يا حبّ ! هُبَّ علينا
        عواصفَ رعديّةً كي نصير إلى ما تحبُّ
        لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ .
        وذُبْ في مصبّ يفيض من الجانبين .
        فأنت - وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ -
        لا شكل لك
        ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً
        أَنت حظّ المساكين /
        من سوء حظّيَ أَني نجوت مراراً
        من الموت حبّاً
        ومن حُسْن حظّي أنيَ ما زلت هشاً
        لأدخل في التجربةْ !
        يقول المحبُّ المجرِّبُ في سرِّه :
        هو الحبُّ كذبتنا الصادقةْ
        فتسمعه العاشقةْ
        وتقول : هو الحبّ ، يأتي ويذهبُ
        كالبرق والصاعقة
        للحياة أقول : على مهلك ، انتظريني
        إلى أن تجفُّ الثُمَالَةُ في قَدَحي ...
        في الحديقة وردٌ مَشاع ، ولا يستطيع الهواءُ
        الفكاكَ من الوردةِ /
        انتظريني لئلاَّ تفرَّ العنادلُ مِنِّي
        فاُخطئ في اللحنِ /
        في الساحة المنشدون يَشُدُّون أوتار آلاتهمْ
        لنشيد الوداع . على مَهْلِكِ اختصريني
        لئلاَّ يطول النشيد ، فينقطع النبرُ بين المطالع ،
        وَهْيَ ثنائيَّةٌ والختامِ الأُحاديّ :
        تحيا الحياة !
        على رسلك احتضنيني لئلاَّ تبعثرني الريحُ /
        حتى على الريح ، لا أستطيع الفكاك
        من الأبجدية /
        لولا وقوفي على جَبَل ٍ
        لفرحتُ بصومعة النسر : لا ضوءَ أَعلى !
        ولكنَّ مجداً كهذا المُتوَّجِ بالذهب الأزرق اللانهائيِّ
        صعبُ الزيارة : يبقى الوحيدُ هناك وحيداً
        ولا يستطيع النزول على قدميه
        فلا النسر يمشي
        ولا البشريُّ يطير
        فيا لكِ من قمَّة تشبه الهاوية
        أنتِ يا عزلة الجبل العالية !
        ليس لي أيُّ دور بما كُنْتُ
        أو سأكونْ ...

        اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

        تعليق


        • #79
          اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

          تعليق


          • #80
            هو الحظُّ . والحظ لا اسمَ لَهُ
            قد نُسَمِّيه حدَّادَ أَقدارنا
            أو نُسَمِّيه ساعي بريد السماء
            نُسَمِّيه نجَّارَ تَخْتِ الوليد ونعشِ الفقيد
            نسمّيه خادم آلهة في أساطيرَ
            نحن الذين كتبنا النصوص لهم
            واختبأنا وراء الأولمب ...
            فصدَّقهم باعةُ الخزف الجائعون
            وكَذَّبَنا سادةُ الذهب المتخمون
            ومن سوء حظ المؤلف أنّ الخيال
            هو الواقعيُّ على خشبات المسارح ِ /
            خلف الكواليس يختلف الأَمرُ
            ليس السؤال : متى ؟
            بل : لماذا ؟ وكيف ؟ وَمَنْ
            مَنْ أنا لأقولَ لكم
            ما أقولُ لكم ؟
            كان يمكن أن لا أكون
            وأن تقع القافلةْ
            في كمين ، وأن تنقُصَ العائلةْ
            ولداً ،
            هو هذا الذي يكتب الآن هذي القصيدةَ
            حرفاً فحرفاً ، ونزفاً ونزفاً
            على هذه الكنبةْ
            بدمٍ أسود اللون ، لا هو حبر الغراب
            ولا صوتُهُ ،
            بل هو الليل مُعْتَصَراً كلُّه
            قطرةً قطرةً ، بيد الحظِّ والموهبةْ
            كان يمكن أن يربح الشعرُ أكثرَ لو
            لم يكن هو ، لا غيره ، هُدْهُداً
            فوق فُوَهَّة الهاويةْ
            ربما قال : لو كنتُ غيري
            لصرتُ أنا، مرَّةً ثانيةْ
            هكذا أَتحايل : نرْسيسُ ليس جميلاً
            كما ظنّ . لكنّ صُنَّاعَهُ
            ورَّطوهُ بمرآته . فأطال تأمُّلَهُ
            في الهواء المقَطَّر بالماء ...
            لو كان في وسعه أن يرى غيره
            لأحبَّ فتاةً تحملق فيه ،
            وتنسى الأيائل تركض بين الزنابق والأقحوان ...
            ولو كان أَذكى قليلاً
            لحطَّم مرآتَهُ
            ورأى كم هو الآخرون ...
            ولو كان حُرّاً لما صار أُسطورةً ...
            والسرابُ كتابُ المسافر في البِيد ...
            لولاه ، لولا السراب ، لما واصل السيرَ
            بحثاً عن الماء . هذا سحاب - يقول
            ويحمل إبريق آماله بِيَدٍ وبأخرى
            يشدُّ على خصره . ويدقُّ خطاه على الرمل ِ
            كي يجمع الغيم في حُفْرةٍ . والسراب يناديه
            يُغْويه ، يخدعه ، ثم يرفعه فوق : إقرأ
            إذا ما استطعتَ القراءةَ . واكتبْ إذا
            ما استطعت الكتابة . يقرأ : ماء ، وماء ، وماء .
            ويكتب سطراً على الرمل : لولا السراب
            لما كنت حيّاً إلى الآن /
            من حسن حظِّ المسافر أن الأملْ
            توأمُ اليأس ، أو شعرُهُ المرتجَل
            حين تبدو السماءُ رماديّةً
            وأَرى وردة نَتَأَتْ فجأةً
            من شقوق جدارْ
            لا أقول : السماء رماديّةٌ
            بل أطيل التفرُّس في وردةٍ
            وأَقول لها : يا له من نهارْ !
            ولاثنين من أصدقائي أقول على مدخل الليل :
            إن كان لا بُدَّ من حُلُم ، فليكُنْ
            مثلنا ... وبسيطاً
            كأنْ : نَتَعَشَّى معاً بعد يَوْمَيْنِ
            نحن الثلاثة ،
            مُحْتَفلين بصدق النبوءة في حُلْمنا
            وبأنَّ الثلاثة لم ينقصوا واحداً
            منذ يومين ،
            فلنحتفل بسوناتا القمرْ
            وتسامُحِ موتٍ رآنا معاً سعداء
            فغضَّ النظرْ !
            لا أَقول : الحياة بعيداً هناك حقيقيَّةٌ
            وخياليَّةُ الأمكنةْ
            بل أقول : الحياة ، هنا ، ممكنةْ
            ومصادفةً ، صارت الأرض أرضاً مُقَدَّسَةً
            لا لأنَّ بحيراتها ورباها وأشجارها
            نسخةٌ عن فراديس علويَّةٍ
            بل لأن نبيّاً تمشَّى هناك
            وصلَّى على صخرة فبكتْ
            وهوى التلُّ من خشية الله
            مُغْمىً عليه
            ومصادفةً ، صار منحدر الحقل في بَلَدٍ
            متحفاً للهباء ...
            لأن ألوفاً من الجند ماتت هناك
            من الجانبين ، دفاعاً عن القائِدَيْنِ اللذين
            يقولان : هيّا . وينتظران الغنائمَ في
            خيمتين حريريّتَين من الجهتين ...
            يموت الجنود مراراً ولا يعلمون
            إلى الآن مَنْ كان منتصراً !
            ومصادفةً ، عاش بعض الرواة وقالوا :
            لو انتصر الآخرون على الآخرين
            لكانت لتاريخنا البشريّ عناوينُ أُخرى
            أُحبك خضراءَ . يا أرضُ خضراءَ . تُفَّاحَةً
            تتموَّج في الضوء والماء . خضراء . ليلُكِ
            أَخضر . فجرك أَخضر . فلتزرعيني برفق...
            برفق ِ يَدِ الأم ، في حفنة من هواء .
            أَنا بذرة من بذورك خضراء ... /
            تلك القصيدة ليس لها شاعر واحدٌ
            كان يمكن ألا تكون غنائيَّةَ ...
            من أنا لأقولَ لكم
            ما أَقولُ لكم ؟
            كان يمكن أَلاَّ أكون أَنا مَنْ أَنا
            كان يمكن أَلاَّ أكون هنا ...
            كان يمكن أَن تسقط الطائرةْ
            بي صباحاً ،
            ومن حسن حظّيَ أَني نَؤُومُ الضحى
            فتأخَّرْتُ عن موعد الطائرةْ
            كان يمكن أَلاَّ أرى الشام والقاهرةْ
            ولا متحف اللوفر ، والمدنَ الساحرةْ
            كان يمكن ، لو كنت أَبطأَ في المشي ،
            أَن تقطع البندقيّةُ ظلِّي
            عن الأرزة الساهرةْ
            كان يمكن ، لو كنتُ أَسرع في المشي ،
            أَن أَتشظّي
            وأصبح خاطرةً عابرةْ
            كان يمكن ، لو كُنْتُ أَسرف في الحلم ،
            أَن أَفقد الذاكرة .
            ومن حسن حظِّيَ أَني أنام وحيداً
            فأصغي إلى جسدي
            وأُصدِّقُ موهبتي في اكتشاف الألمْ
            فأنادي الطبيب، قُبَيل الوفاة، بعشر دقائق
            عشرُ دقائق تكفي لأحيا مُصَادَفَةً
            وأُخيِّبَ ظنّ العدمْ
            مَنْ أَنا لأخيِّبَ ظنَّ العدمْ ؟
            مَنْ أنا ؟ مَنْ أنا ؟

            اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

            تعليق


            • #81
              اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

              تعليق


              • #82
                لا تعتذر عما فعلت...

                اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                تعليق


                • #83
                  اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                  تعليق


                  • #84
                    أيها المارون بين الكلمات العابرة
                    محمود درويش - فلسطين
                    أيها المارون بين الكلمات العابرة
                    احملوا أسماءكم وانصرفوا
                    واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، و انصرفوا
                    وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
                    و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
                    انكم لن تعرفوا
                    كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء
                    أيها المارون بين الكلمات العابرة
                    منكم السيف - ومنا دمنا
                    منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا
                    منكم دبابة أخرى- ومنا حجر
                    منكم قنبلة الغاز - ومنا المطر
                    وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
                    فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
                    وادخلوا حفل عشاء راقص .. و انصرفوا
                    وعلينا ، نحن ، أن نحرس ورد الشهداء
                    و علينا ، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء

                    أيها المارون بين الكلمات العابرة
                    كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن
                    لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
                    خلنا في أرضنا ما نعمل
                    و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى أجسادنا
                    و لنا ما ليس يرضيكم هنا
                    حجر.. أو خجل
                    فخذوا الماضي ، إذا شئتم إلى سوق التحف
                    و أعيدوا الهيكل العظمي للهدهد ، إن شئتم
                    على صحن خزف
                    لنا ما ليس يرضيكم ، لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل

                    أيها المارون بين الكلمات العابرة
                    كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة ، وانصرفوا
                    وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
                    أو إلى توقيت موسيقى مسدس
                    فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فانصرفوا
                    ولنا ما ليس فيكم : وطن ينزف شعبا
                    وطن يصلح للنسيان أو للذاكرة
                    أيها المارون بين الكلمات العابرة
                    آن أن تنصرفوا
                    وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا
                    آن أن تنصرفوا
                    ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا
                    فنا في أرضنا ما نعمل
                    ولنا الماضي هنا
                    ولنا صوت الحياة الأول
                    ولنا الحاضر ، والحاضر ، والمستقبل
                    ولنا الدنيا هنا .. والآخرة ْ
                    فاخرجوا من أرضنا
                    من برنا .. من بحرنا
                    من قمحنا .. من ملحنا .. من جرحنا
                    من كل شيء ، واخرجوا من ذكريات الذاكرة ْ
                    أيها المارون بين الكلمات العابرة ْ!


                    اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                    تعليق


                    • #85
                      اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                      تعليق


                      • #86
                        حــــالة حصـــار
                        محمود درويش - فلسطين
                        هنا، عند مُنْحَدَرات التلال، أمام الغروب وفُوَّهَة الوقت
                        قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِ،
                        نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
                        وما يفعل العاطلون عن العمل:
                        نُرَبِّي الأملْ!

                        بلادٌ علي أُهْبَةِ الفجر. صرنا أَقلَّ ذكاءً
                        لأَنَّا نُحَمْلِقُ في ساعة النصر:
                        لا لَيْلَ في ليلنا المتلألئ بالمدفعيَّة
                        أَعداؤنا يسهرون وأَعداؤنا يُشْعِلون لنا النورَ
                        في حلكة الأَقبية

                        هنا، بعد أَشعار أَيّوبَ لم ننتظر أَحداً

                        سيمتدُّ هذا الحصارُ إلي أن نعلِّم أَعداءنا
                        نماذجَ من شِعْرنا الجاهليّ

                        السَّماءُ رصاصيّةٌ في الضُحى
                        بُرْتقاليَّةٌ في الليالي. وأَمَّا القلوبُ
                        فظلَّتْ حياديَّةً مثلَ ورد السياجْ

                        هنا، لا أَنا
                        هنا، يتذكَّرُ آدَمُ صَلْصَالَهُ...

                        يقولُ على حافَّة الموت:
                        لم يَبْقَ بي مَوْطِئٌ للخسارةِ:
                        حُرٌّ أَنا قرب حريتي. وغدي في يدي.
                        سوف أَدخُلُ عمَّا قليلٍ حياتي،
                        وأولَدُ حُرّاً بلا أَبَوَيْن،
                        وأختارُ لاسمي حروفاً من اللازوردْ...

                        في الحصار، تكونُ الحياةُ هِيَ الوقتُ
                        بين تذكُّرِ أَوَّلها.
                        ونسيانِ آخرِها.

                        هنا، عند مُرْتَفَعات الدُخان، على دَرَج البيت،
                        لا وَقْتَ للوقت.
                        نفعلُ ما يفعلُ الصاعدون إلى الله:
                        ننسي الأَلمْ.

                        الألمْ
                        هُوَ: أن لا تعلِّق سيِّدةُ البيت حَبْلَ الغسيل
                        صباحاً، وأنْ تكتفي بنظافة هذا العَلَمْ.

                        لا صدىً هوميريٌّ لشيءٍ هنا.
                        فالأساطيرُ تطرق أبوابنا حين نحتاجها.
                        لا صدىً هوميريّ لشيء. هنا جنرالٌ
                        يُنَقِّبُ عن دَوْلَةٍ نائمةْ
                        تحت أَنقاض طُرْوَادَةَ القادمةْ

                        يقيسُ الجنودُ المسافةَ بين الوجود وبين العَدَمْ
                        بمنظار دبّابةٍ...

                        نقيسُ المسافَةَ ما بين أَجسادنا والقذائفِ بالحاسّة السادسةْ.

                        أَيُّها الواقفون على العَتَبات ادخُلُوا،
                        واشربوا معنا القهوةَ العربيَّةَ
                        فقد تشعرون بأنكمُ بَشَرٌ مثلنا.
                        أَيها الواقفون على عتبات البيوت!
                        اُخرجوا من صباحاتنا،
                        نطمئنَّ إلى أَننا
                        بَشَرٌ مثلكُمْ!

                        اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                        تعليق


                        • #87
                          اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                          تعليق


                          • #88
                            نَجِدُ الوقتَ للتسليةْ:
                            نلعبُ النردَ، أَو نَتَصَفّح أَخبارَنا
                            في جرائدِ أَمسِ الجريحِ،
                            ونقرأ زاويةَ الحظِّ: في عامِ
                            أَلفينِ واثنينِ تبتسم الكاميرا
                            لمواليد بُرْجِ الحصار.

                            كُلَّما جاءني الأمسُ، قلت له:
                            ليس موعدُنا اليومَ، فلتبتعدْ
                            وتعالَ غداً !

                            أُفكِّر، من دون جدوى:
                            بماذا يُفَكِّر مَنْ هُوَ مثلي، هُنَاكَ
                            على قمَّة التلّ، منذ ثلاثةِ آلافِ عامٍ،
                            وفي هذه اللحظة العابرةْ؟
                            فتوجعنُي الخاطرةْ
                            وتنتعشُ الذاكرةْ

                            عندما تختفي الطائراتُ تطيرُ الحماماتُ،
                            بيضاءَ بيضاءَ، تغسِلُ خَدَّ السماء
                            بأجنحةٍ حُرَّةٍ، تستعيدُ البهاءَ وملكيَّةَ
                            الجوِّ واللَهْو. أَعلى وأَعلى تطيرُ
                            الحماماتُ، بيضاءَ بيضاءَ. ليت السماءَ
                            حقيقيّةٌ قال لي رَجَلٌ عابرٌ بين قنبلتين

                            الوميضُ، البصيرةُ، والبرقُ
                            قَيْدَ التَشَابُهِ...
                            عمَّا قليلٍ سأعرفُ إن كان هذا
                            هو الوحيُ...
                            أو يعرف الأصدقاءُ الحميمون أنَّ القصيدةَ
                            مَرَّتْ، وأَوْدَتْ بشاعرها


                            إلي ناقدٍ: لا تُفسِّر كلامي
                            بملعَقةِ الشايِ أَو بفخِاخ الطيور!
                            يحاصرني في المنام كلامي
                            كلامي الذي لم أَقُلْهُ،
                            ويكتبني ثم يتركني باحثاً عن بقايا منامي

                            شَجَرُ السرو، خلف الجنود، مآذنُ تحمي
                            السماءَ من الانحدار. وخلف سياج الحديد
                            جنودٌ يبولون ـ تحت حراسة دبَّابة ـ
                            والنهارُ الخريفيُّ يُكْملُ نُزْهَتَهُ الذهبيَّةَ في
                            شارعٍ واسعٍ كالكنيسة بعد صلاة الأَحد...

                            نحبُّ الحياةَ غداً
                            عندما يَصِلُ الغَدُ سوف نحبُّ الحياة
                            كما هي، عاديّةً ماكرةْ
                            رماديّة أَو مُلوَّنةً.. لا قيامةَ فيها ولا آخِرَةْ
                            وإن كان لا بُدَّ من فَرَحٍ
                            فليكن
                            خفيفاً على القلب والخاصرةْ
                            فلا يُلْدَغُ المُؤْمنُ المتمرِّنُ
                            من فَرَحٍ ... مَرَّتَينْ!

                            قال لي كاتبٌ ساخرٌ:
                            لو عرفتُ النهاية، منذ البدايةَ،
                            لم يَبْقَ لي عَمَلٌ في اللٌّغَةْ

                            إلي قاتلٍ: لو تأمَّلْتَ وَجْهَ الضحيّةْ
                            وفكَّرتَ، كُنْتَ تذكَّرْتَ أُمَّك في غُرْفَةِ
                            الغازِ، كُنْتَ تحرَّرتَ من حكمة البندقيَّةْ
                            وغيَّرتَ رأيك: ما هكذا تُسْتَعادُ الهُويَّةْ

                            إلى قاتلٍ آخر: لو تَرَكْتَ الجنينَ ثلاثين يوماً،
                            إِذَاً لتغيَّرتِ الاحتمالاتُ:
                            قد ينتهي الاحتلالُ ولا يتذكَّرُ ذاك الرضيعُ زمانَ الحصار،
                            فيكبر طفلاً معافي،
                            ويدرُسُ في معهدٍ واحد مع إحدى بناتكَ
                            تارِيخَ آسيا القديمَ.
                            وقد يقعان معاً في شِباك الغرام.
                            وقد يُنْجبان اُبنةً (وتكونُ يهوديَّةً بالولادةِ).
                            ماذا فَعَلْتَ إذاً ؟
                            صارت ابنتُكَ الآن أَرملةً،
                            والحفيدةُ صارت يتيمةْ ؟
                            فماذا فَعَلْتَ بأُسرتكَ الشاردةْ
                            وكيف أَصَبْتَ ثلاثَ حمائمَ بالطلقة الواحدةْ ؟

                            لم تكن هذه القافيةْ
                            ضَرُوريَّةً، لا لضْبطِ النَغَمْ
                            ولا لاقتصاد الأَلمْ
                            إنها زائدةْ
                            كذبابٍ على المائدةْ

                            الضبابُ ظلامٌ، ظلامٌ كثيفُ البياض
                            تقشِّرُهُ البرتقالةُ والمرأةُ الواعدة.

                            الحصارُ هُوَ الانتظار
                            هُوَ الانتظارُ على سُلَّمٍ مائلٍ وَسَطَ العاصفةْ

                            وَحيدونَ، نحن وحيدون حتى الثُمالةِ
                            لولا زياراتُ قَوْسِ قُزَحْ
                            اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                            تعليق


                            • #89
                              لنا اخوةٌ خلف هذا المدى.
                              اخوةٌ طيّبون. يُحبُّوننا. ينظرون إلينا ويبكون.
                              ثم يقولون في سرِّهم:
                              ليت هذا الحصارَ هنا علنيٌّ.. ولا يكملون العبارةَ:
                              لا تتركونا وحيدين، لا تتركونا.

                              خسائرُنا: من شهيدين حتى ثمانيةٍ كُلَّ يومٍ.
                              وعَشْرَةُ جرحى.
                              وعشرون بيتاً.
                              وخمسون زيتونةً...
                              بالإضافة للخَلَل البُنْيويّ الذي
                              سيصيب القصيدةَ والمسرحيَّةَ واللوحة الناقصةْ

                              في الطريق المُضَاء بقنديل منفي
                              أَرى خيمةً في مهبِّ الجهاتْ:
                              الجنوبُ عَصِيٌّ على الريح،
                              والشرقُ غَرْبٌ تَصوَّفَ،
                              والغربُ هُدْنَةُ قتلي يَسُكُّون نَقْدَ السلام،
                              وأَمَّا الشمال، الشمال البعيد
                              فليس بجغرافيا أَو جِهَةْ
                              إنه مَجْمَعُ الآلهةْ

                              قالت امرأة للسحابة: غطِّي حبيبي
                              فإنَّ ثيابي مُبَلَّلةٌ بدَمِهْ

                              إذا لم تَكُنْ مَطَراً يا حبيبي
                              فكُنْ شجراً
                              مُشْبَعاً بالخُصُوبةِ، كُنْ شَجَرا
                              وإنْ لم تَكُنْ شجراً يا حبيبي
                              فكُنْ حجراً
                              مُشْبعاً بالرُطُوبةِ، كُنْ حَجَرا
                              وإن لم تَكُنْ حجراً يا حبيبي
                              فكن قمراً
                              في منام الحبيبة، كُنْ قَمرا
                              هكذا قالت امرأةٌ
                              لابنها في جنازته

                              أيَّها الساهرون ! أَلم تتعبوا
                              من مُرَاقبةِ الضوءِ في ملحنا
                              ومن وَهَج الوَرْدِ في جُرْحنا
                              أَلم تتعبوا أَيُّها الساهرون ؟

                              واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا. خالدون هنا.
                              ولنا هدف واحدٌ واحدٌ واحدٌ: أن نكون.
                              ومن بعده نحن مُخْتَلِفُونَ على كُلِّ شيء:
                              علي صُورة العَلَم الوطنيّ (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ يا شعبيَ الحيَّ رَمْزَ الحمار البسيط).
                              ومختلفون علي كلمات النشيد الجديد
                              (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ أُغنيَّةً عن زواج الحمام).
                              ومختلفون علي واجبات النساء
                              (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخْتَرْتَ سيّدةً لرئاسة أَجهزة الأمنِ).
                              مختلفون على النسبة المئوية، والعامّ والخاص،
                              مختلفون على كل شيء. لنا هدف واحد: أَن نكون ...
                              ومن بعده يجدُ الفَرْدُ مُتّسعاً لاختيار الهدفْ.

                              قال لي في الطريق إلى سجنه:
                              عندما أَتحرّرُ أَعرفُ أنَّ مديحَ الوطنْ
                              كهجاء الوطنْ
                              مِهْنَةٌ مثل باقي المِهَنْ !

                              قَليلٌ من المُطْلَق الأزرقِ اللا نهائيِّ
                              يكفي
                              لتخفيف وَطْأَة هذا الزمانْ
                              وتنظيف حَمأةِ هذا المكان

                              على الروح أَن تترجَّلْ
                              وتمشي على قَدَمَيْها الحريريّتينِ
                              إلى جانبي، ويداً بيد، هكذا صاحِبَيْن
                              قديمين يقتسمانِ الرغيفَ القديم
                              وكأسَ النبيذِ القديم
                              لنقطع هذا الطريق معاً
                              ثم تذهب أَيَّامُنا في اتجاهَيْنِ مُخْتَلِفَينْ:
                              أَنا ما وراءَ الطبيعةِ. أَمَّا هِيَ
                              فتختار أَن تجلس القرفصاء على صخرة عاليةْ
                              إلى شاعرٍ: كُلَّما غابَ عنك الغيابْ
                              تورَّطتَ في عُزْلَة الآلهةْ
                              فكن ذاتَ موضوعك التائهةْ
                              و موضوع ذاتكَ. كُنْ حاضراً في الغيابْ

                              :يَجِدُ الوقتَ للسُخْرِيَةْ
                              هاتفي لا يرنُّ
                              ولا جَرَسُ الباب أيضاً يرنُّ
                              فكيف تيقَّنتِ من أَنني
                              !لم أكن ههنا

                              :يَجدُ الوَقْتَ للأغْنيَةْ
                              في انتظارِكِ، لا أستطيعُ انتظارَكِ
                              لا أَستطيعُ قراءةَ دوستويفسكي
                              ولا الاستماعَ إلى أُمِّ كلثوم أَو ماريّا كالاس وغيرهما
                              في انتظارك تمشي العقاربُ في ساعةِ اليد نحو اليسار...
                              إلي زَمَنٍ لا مكانَ لَهُ
                              في انتظارك لم أنتظرك، انتظرتُ الأزَلْ
                              اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                              تعليق


                              • #90
                                يَقُولُ لها: أَيّ زهرٍ تُحبِّينَهُ
                                فتقولُ: القُرُنْفُلُ .. أَسودْ
                                يقول: إلى أَين تمضين بي، والقرنفل أَسودْ ؟
                                تقول: إلى بُؤرة الضوءِ في داخلي
                                وتقولُ: وأَبْعَدَ ... أَبْعدَ ... أَبْعَدْ

                                سيمتدُّ هذا الحصار إلى أَن يُحِسَّ المحاصِرُ، مثل المُحَاصَر،
                                أَن الضَجَرْ
                                صِفَةٌ من صفات البشرْ

                                لا أُحبُّكَ، لا أكرهُكْ ـ
                                قال مُعْتَقَلٌ للمحقّق: قلبي مليء
                                بما ليس يَعْنيك. قلبي يفيض برائحة المَرْيَميّةِ
                                قلبي بريء مضيء مليء،
                                ولا وقت في القلب للامتحان. بلى،
                                لا أُحبُّكَ. مَنْ أَنت حتَّى أُحبَّك؟
                                هل أَنت بعضُ أَنايَ، وموعدُ شاي،
                                وبُحَّة ناي، وأُغنيّةٌ كي أُحبَّك؟
                                لكنني أكرهُ الاعتقالَ ولا أَكرهُكْ
                                هكذا قال مُعْتَقَلٌ للمحقّقِ: عاطفتي لا تَخُصُّكَ.
                                عاطفتي هي ليلي الخُصُوصيُّ...
                                ليلي الذي يتحرَّكُ بين الوسائد حُرّاً من الوزن والقافيةْ

                                جَلَسْنَا بعيدينَ عن مصائرنا كطيورٍ
                                تؤثِّثُ أَعشاشها في ثُقُوب التماثيل
                                أَو في المداخن، أو في الخيام التي
                                نُصِبَتْ في طريق الأمير إلي رحلة الصَيّدْ...

                                على طَلَلي ينبتُ الظلُّ أَخضرَ
                                والذئبُ يغفو علي شَعْر شاتي
                                ويحلُمُ مثلي، ومثلَ الملاكْ
                                بأنَّ الحياةَ هنا ... لا هناكْ

                                الأساطير ترفُضُ تَعْديلَ حَبْكَتها
                                رُبَّما مَسَّها خَلَلٌ طارئٌ
                                ربما جَنَحَتْ سُفُنٌ نحو يابسةٍ
                                غيرِ مأهولةٍ،
                                فأصيبَ الخياليُّ بالواقعيِّ،
                                ولكنها لا تغيِّرُ حبكتها.
                                كُلَّما وَجَدَتْ واقعاً لا يُلائمها
                                عدَّلَتْهُ بجرَّافة.
                                فالحقيقةُ جاريةُ النصِّ، حَسْناءُ
                                بيضاءُ من غير سوء ...

                                إلي شبه مستشرق: ليكُنْ ما تَظُنُّ
                                لنَفْتَرِضِ الآن أَني غبيٌّ، غبيٌّ، غبيٌّ
                                ولا أَلعبُ الجولف
                                لا أَفهمُ التكنولوجيا،
                                ولا أَستطيعُ قيادةَ طيّارةٍ!
                                أَلهذا أَخَذْتَ حياتي لتصنَعَ منها حياتَكَ؟
                                لو كُنْتَ غيرَكَ، لو كنتُ غيري،
                                لكُنَّا صديقين يعترفان بحاجتنا للغباء.
                                أَما للغبيّ، كما لليهوديّ في تاجر البُنْدُقيَّة
                                قلبٌ، وخبزٌ، وعينان تغرورقان؟

                                في الحصار، يصير الزمانُ مكاناً
                                تحجَّرَ في أَبَدِهْ
                                في الحصار، يصير المكانُ زماناً
                                تخلَّف عن أَمسه وَغدِهْ

                                هذه الأرضُ واطئةٌ، عاليةْ
                                أَو مُقَدَّسَةٌ، زانيةْ
                                لا نُبالي كثيراً بسحر الصفات
                                فقد يُصْبِحُ الفرجُ، فَرْجُ السماواتِ،
                                جغْرافيةْ !

                                الشهيدُ يُحاصرُني كُلَّما عِشْتُ يوماً جديداً
                                ويسألني: أَين كُنْت ؟ أَعِدْ للقواميس كُلَّ الكلام الذي كُنْتَ أَهْدَيْتَنِيه،
                                وخفِّفْ عن النائمين طنين الصدى

                                الشهيدُ يُعَلِّمني: لا جماليَّ خارجَ حريتي.

                                الشهيدُ يُوَضِّحُ لي: لم أفتِّشْ وراء المدى
                                عن عذارى الخلود، فإني أُحبُّ الحياةَ
                                علي الأرض، بين الصُنَوْبرِ والتين،
                                لكنني ما استطعتُ إليها سبيلاً، ففتَّشْتُ
                                عنها بآخر ما أملكُ: الدمِ في جَسَدِ اللازوردْ.

                                الشهيدُ يُحاصِرُني: لا تَسِرْ في الجنازة
                                إلاّ إذا كُنْتَ تعرفني. لا أُريد مجاملةً
                                من أَحَدْ.

                                الشهيد يُحَذِّرُني: لا تُصَدِّقْ زغاريدهُنَّ.
                                وصدّق أَبي حين ينظر في صورتي باكياً:
                                كيف بدَّلْتَ أدوارنا يا بُنيّ، وسِرْتَ أَمامي.
                                أنا أوّلاً، وأنا أوّلاً !

                                الشهيدُ يُحَاصرني: لم أُغيِّرْ سوى موقعي وأَثاثي الفقيرِ.
                                وَضَعْتُ غزالاً على مخدعي،
                                وهلالاً على إصبعي،
                                كي أُخفِّف من وَجَعي !
                                اللهم اجمعنا على طاعتك وفي جنتك...

                                تعليق

                                يعمل...
                                X